الثلاثاء، 8 يوليو 2025

قصة تحت عنوان{{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


"في عتمة الحافلة "
  سلسلة قصصية 
        بقلم:
 تيسيرالمغاصبه 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    عشية الربيع 
          -١-

الآن أدركت ماهو المعنى الحقيقي لمقولة "الموت مع الجماعة رحمة"،
ونحن بالعشرات مستلقين جمبا إلى جنب بينما الآلة الثقيلة تطمرنا بالتراب .
تساءلت بيني وبين نفسي ونحن في المقبرة الجماعية :"ياترى هل  سنسأل من قبل ملكا الموت كما تجري العادة "وحسب أقوال أصحاب الإفتاء "،وإن سألنا هل سنسأل معا ،أم سيكون السؤال بحسب الترتيب الهجائي ،أم حسب الأعداد الزوجية والفردية. 
أم حسب أول حرف من الاسم ،أم بما أن الأسئلة باتت معروفة لدينا"حفظناها عن ظهر قلب "  في تلك الحالة ،هل سنسأل الأسئلة مرة واحدة ونجيب جميعا في أن واحد وبصوت واحد :من ربكم؟
،ربي وربكم الله إلخ..
أن الموت مع الجماعة رحمة .
لكن لنفترض جدلا أن الأسئلة قد تغيرت!! ،نعم طالما أن الله قد تركنا نذبح ونقتل هكذا بدم بارد؛ فلماذا لاتتغير الأسئلة.
أم أننا سنعفى من تلك الأسئلة خصوصا أننا ضحايا الإبادات الجماعية على يد الأنظمة العربية  المجرمة.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كنت مترددا كعادتي من إنطلاقي في
رحلتي التالية إلى العقبة لهذا العام ،
فأنا من عادتي أن أشعر بالندم  بمجرد  الوصول. 
لكن بعد كل ما رأيته في نومي شعرت بالقلق أكثر ،وإن كان مارأيته مجرد أضغاث أحلام ،لكن ..ذلك يتكرر دائما وأنا مطمئن.
وربما يكون مارأيته هو "رؤية" تخبرني بما سيحدث لي اليوم.
نعم ،فأنا رأيت فيما يرى النائم قصف بواسطة الطائرات وإجتياح المجنزرات "الوطنية " لقلب المدينة ،رأيت الدم والقتل والأشلاء المتناثرة هنا وهناك.
بعد ذلك رأيت توافد الزوار الكثر إلى منزلنا في ثيابهم البيضاء؛ياترى لماذا هي بيضاء..!!
كذلك رأيت قريبتي العجوز"بديعة"التي كانت في الواقع شديدة القبح ،والتي في العادة لم تظهر  في منام أي أحد إلا لتكون نذير شؤم؛الموت.
فأنا لم أر نفسي في الحلم ،إذن قد أكون أنا ..أنا الذي....اللهم إجعله خيرا.
عموما أن كل ما أراه في نومي هو مجرد أحلام في أحلام وهي أرحم بكثير مما أراه من مذابح على الشاشات ؛لا عجب فالمذابح في الوطن العربي،وعلى أيدي الأنظمة.
صعدت درجات الحافلة الضيقة بصعوبة شديدة بعد أن شعرت بالاعياء المفاجىء ،
أما صوتي فكان مختنقا جدا ،وكانت برودة تسري في ساقاي وتنتشر كالجليد ،أو كمد البحر في الشتاء العاصف.
جلست على مقعدي دون أن أرفع جاكيتي بل جعلت منه غطاء لي عسى أن يخفف من القشعريرة التي تسري في جسدي و التي كانت تمتد مجمدة كل شريان في جسدي. 
تحركت الحافلة وإهتزت وتمايلت كالسفينة الشراعية بسبب ضخامتها،ثم إنطلقت إلى هناك .
الاعياء الشديد لم يمنحني حتى حرية القرار في أن أبقى ،أو أن اهبط من جديد للعودة إلى منزلي لأنام على فراشي.
بدأت أشعر كما وأن صوتي وأنيني يصعدان من بئر عميقة الغور واسع الجوف.

                               "وللقصة بقية "

تيسيرالمغاصبه 

ليست هناك تعليقات: