"يتوضّأُ القمرُ بماءِ عينيك"
حينَ يَغسِلُ اللّيلُ أوجاعَهُ،
يَنحني القمرُ على حَوضِ النّورِ في عينيك،
يَتوضّأُ بماءِ أسرارِهِما،
كأنَّهُ يَطلُبُ طُهرًا لِيُكملَ صَلاتهُ
فوقَ جبينِ السّماء.
عيناكِ،
ليستا مَجرّدَ نَوافذٍ للرُّؤية،
إنّهما مِحرابٌ،
يُعيدُ تعريفَ البَصيرة،
ويَجعَلُ الظِّلالَ تَرتجفُ
خَوفًا من انكِشافِ حقيقتِها.
كلُّ دمعةٍ فيهما،
تُشبهُ نجمةً تَسقُطُ مِن لُغزٍ عَميق،
كأنَّ المَدى يَستعيرُ بُكاءَكِ
لِيكتُبَ حكايةً لا تَشيخ.
القمرُ،
ما كانَ يومًا إلّا مِرآةً عَاجِزة،
حَتّى غَمسَ جَبينَهُ في نَورِكِ،
فأدركَ أنَّ الطّهارةَ ليست ضَوءًا،
بَل مَاءً يُستَقى من جَرحٍ بَريء.
في حُضورِكِ،
يَفنى الوقتُ كَسجدةٍ طَويلة،
تَتَكَرَّرُ فيها الأسئلةُ
وتَذُوبُ الإجابات،
ويبقى صَوتُ العَينينِ وَحدَهُ
يُديرُ طَوافَ العُمر.
يتوضّأُ القمرُ بماءِ عينيك،
لا لِيُضيءَ السّماء،
بَل لِيَتَعَلَّمَ كيفَ تُصبِحُ الجِراحُ
أكثرَ صَفاءً مِنَ المَرايا.
بقلم دنيا محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق