الاثنين، 4 أغسطس 2025

نص نثري تحت عنوان{{أوراق لم تجد عنواناً}} بقلم الشاعر الفلسطيني القدير الأستاذ{{عماد سالم ابوالعطا}}


أوراق لم تجد عنواناً 

في كل صباح أبحث عن ورقة جديدة لأكتب عليها
لكن كُل الأوراق مثقوبة من المُنتصف
كأنها قلوبنا
لا تحتمل المزيد

أسأل نفسي
كم يُساوي الإنسان في هذا العالم؟
وهل أصبح كيس الطحين أغلى من حياة أُم فقدت أبناءها؟
من يشتري الجوع ويبيع الخُبز بثمن الذُل؟

لكن من علمنا أن الجوع سيُكتب على دفاترنا بدلاً من الحبر؟
ومن أخبرنا أن كيس الطحين
أصبح أغلى من الإنسان؟
صار الناس يتقاتلون عليه وكأن فيه مفاتيح الجنة
بينما تموت الأرواح بصمت على الأرصفة
ويُباع الحُزن بالكيلو
ويُشترى الصبر بالدين

أطفالنا
تأخر جرس مدرستهم عاماً بعد عام
صار موعدهم مع المدرسة مؤجلاً حتى إشعار آخر
وحقيبتهم امتلأت لا بالكُتب
بل بالحجارة والرماد
كُتبت عليهم الغُربة قبل أن يعرفوا الوطن
حُرموا من عامين دراسيين
لكنهم تعلموا ما لا يُدرس في الكُتب
كيف تعيش في خيمة
كيف تكتب واجبك على التُراب
وكيف تحفظ جدول الضرب وأنت تحفظ عدد القذائف في اليوم

البيوت
لم تعُد بيوتاً
إنها قبور مفتوحة ينتظر سُكانها ضربة الحظ
منهُم من رحل مع عائلته دُفعة واحدة
ومنهُم من بقي وحده يجُر وجعه على عُكاز خشبي
ومنهُم من فقد أطرافه وأصدقاءه

هل يعرف العالم أن الأرصفة باتت أدفأ من الأسرة؟
وأن الشارع صار المدرسة والمسجد والمشفى والمقبرة؟
هل سمع أحدهم أن الإنسان في بلادي
يحتاج إلى مُعجزة ليأكل
وأخرى ليحيا
وثالثة ليبقى إنساناً؟

من يكتب لنا فصلاً جديداً؟
من يُعيد ترتيب هذه الأوراق المُتناثرة؟

هكذا صارت حياتنا
كأوراق مُبعثرة في مهب النسيان
أوراق لم تجد من يكتب عليها
ولم تجد من يضع  لها عنواناً 

إنها أوراقنا
لكننا فقدنا القُدرة على قراءتها
أوراقنا تائهة في مهب الريح
لا أحد يعنونها
لا أحد يجرؤ على قراءتها حتى النهاية
لأنها ببساطة
تحترق قبل أن تصل

يا رب
هل تقرأ هذه الأوراق؟
وهل ستجد لها يوماً عنواناً 
أم ستظل ضائعة
مثلنا تماماً؟

عماد سالم ابوالعطا

فلسطين غزة 

ليست هناك تعليقات: