حلم بحجم قلبين
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
حبيبتي،
تعالي لنسرق حلمًا لي ولكِ،
نرسم ملامحه بأيدينا،
ونطير فوق صهوته ليحملنا إلى جزيرة الأحلام.
هناك حيث الهدوء والطبيعة الخلابة،
نبني بيتًا قرب الشاطئ
من الحجارة والطين،
والنوارس من حولنا ترفرف بأجنحتها تعانق الفضاء،
وأشجار الجوز تعانق السحب المثقلة بالثمار.
أما الحوريات،
فهنّ ضيفاتنا كل ليلة،
يسامرْننا ويسهرْن معنا،
وكأنهن جئن يغنين للحب
ويباركن عشقنا الذي اخترناه وطنًا.
حبيبي،
تعالَ نُتمّم حلمك بلمسة من روحي،
نكتب أسماءنا على رمل الشاطئ،
ونرسم قلوبنا على صفحات الموج.
نجعل من بيتنا مأوى للسكينة،
ومن طيور النوارس رسلًا لحبنا.
فتغدو الطبيعة مرآةً لأرواحنا،
والثمار حلوى أعراسنا كل يوم.
أما الحوريات،
فليكنَّ رفيقاتٍ يرقصن حول نارنا،
يغنين للحب،
ويعزفن ألحان البهجة في ليلنا الطويل.
حبيبتي،
كنتُ في خصامٍ دائم مع الدنيا،
نمشي أنا وهي بعكس الاتجاه،
لا نلتقي إلا في محطات الألم والحزن.
أتعبتني كثيرًا،
وأبكتني أكثر،
لم أعرف معنى الابتسامة،
ولا كيف يُرسم الحلم.
كانت عباءتها السوداء تلف عالمي،
حتى جئتِ أنتِ،
فكنتِ مشروع الصلح بيني وبين دنياي.
أنرتِ الشموع التي أطفأتها أحزاني،
وظهر القمر الذي غاب عن سمائي سنين طويلة.
بوجودك سمعتُ ضحكات الصغار والكبار،
ورأيتُ ألوان الورود بعد أن بهتت،
فكنتِ لي منارة نجاة وهداية
على شواطئ أحزاني.
حبيبي،
أما أنا فجئتك مثل غيمة عطشى
تبحث عن أرض تحتضن مطرها.
جئتك بكل دفء القلب،
وبكل نور الروح.
كنتَ تائهًا في عتمة الأيام،
لكنني رأيتك،
رأيت قلبًا يليق به الفرح،
وروحًا تستحق أن تُزهر.
وحين مددتَ يدك، مددتُ لك عمري،
وحين ناديتني من شواطئ حزنك،
صرتُ لك سفينة عبورٍ إلى برّ الأمان.
ضحكاتي صارت وطنك،
وأحلامي أجنحة تحملك إلى فضاءات جديدة.
ألملم أوجاعك،
وأزرعها ورودًا في دروبك.
فلا تخشَ الدنيا بعد اليوم،
ما دمتَ فيها، وما دمتُ معك.
فنحن معًا نكتب من الحزن قصيدة أمل،
ومن العتمة فجرًا جديدًا.
حبيبتي،
لا أريد أن أفسد فرحتك بموطننا الجديد،
لكنها عزّت عليَّ الأيام التي مرّت بدونك.
تعالي،
نجلس على رمال الشاطئ
لنرى جمال الشعب المرجانية
بألوانها التي تأسر القلب.
انظري هناك،
مرجان أحمر...
انتظريني، سأذهب لأحضر بعضًا منه
ليكون أجمل عقدٍ يزيّن عنقك.
حبيبي،
كيف لي أن أرى المرجان وألوان البحر من حولي
ولا أراك؟
كل عقد في الدنيا لا يساوي لحظة بقربك،
ولا جمال الكون يوازي دفء يديك.
دع المرجان حيث هو،
فأجمل ما يزين عنقي هو همسك،
وأغلى ما أرتدي هو قلبك.
اجلس بقربي،
لنعدّ الأمواج، ونكتب أسماءنا على الرمل.
فكل ما حولي لا يكتمل إلا بك،
وكل جمالٍ يبهت إن غبتَ عني.
حبيبتي،
كان حلمًا صغيرًا وما زال،
لكن بحجم قلبينا،
أكبر من أن تسعه الدنيا.
حلم ممزوج بالسعادة والأمل...
وكنتُ دائمًا أسأل نفسي:
هل للحب خلود في هذا الزمان؟
وأجبت: نعم، قد يكون...
حين يصدق القلب بلا كلام،
وتفصح العيون بهمسٍ لا يحجبه مكان ولا زمان.
حين تكفينا لحظة عن عمرٍ من الحرمان،
وحين يكون الحب أغلى من النفس رغم البُعد والصعاب،
عندئذ يُكتب له الخلود
إلى ما بعد الحياة،
لحياة أبدية تجمعني بكِ، حبيبتي.
ذلك هو الحلم الذي وُلد من نبضة،
ثم صار بحجم الكون.
أحبكِ يا حبيبتي...
أحبكِ يا حبيبي...
أحبك أيها الحلم الجميل الذي تحقق..
أحبكِ يحيى
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق