الأربعاء، 27 أغسطس 2025

قصة تحت عنوان{{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


"في عتمة الحافلة "
  سلسلة قصصية 
        بقلم:
 تيسيرالمغاصبه 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
  القلب الكبير 
      -٢-

بعد ذلك حفزني الظلام في الخارج على فتح الكتاب القديم المهترىء لتصفح بعض أوراقه لأرى تلك  الخزعبلات والأكاذيب المهووس بها  صديقي مأمون "وفي الحقيقة أن مادفعني إلى ذلك هو فقط ماأشعر به من تناقضات الوحدة، وألم الفؤاد وشوقه". وبالصدفة وقع إختياري على الصفحات الأخيرة به لأقرأها .
بعد مسيرة ساعة توقفت الحافلة قرب استراحة في الصحراء،إنارتها جعلتها تبدو  كجزيرة صغيرة في وسط البحر.
أطل علي صديقي حسن وقال لي:
-هيا ياصديقي..كما أخبرتك نحن سنجلس وحدنا، بأمكانك أن تختر لك المكان الذي يروقك للجلوس فيه لتناول عشائك؟
قلت ممازحا وأنا أرفع يدي إلى السماء بطريقة تمثيلية :
-تهنى ياصديقي..الله يطعمنا مااطعمك .
ضحكت فتاتة ضحكة معذبة للفؤاد. 
نزلنا من الحافلة ..تأبط صديقي ذراع فتاته واصطحبها  إلى قسم العائلات وإختارا لهما  طاولة بعيدة منزوية عن الناس ؛تصلح لهمسات العشاق  .أما أنا فلم يرق لي سوى الجلوس بعيدا عن الناس ،فرأيت من بعيد مكان جميل مفروش بالبسط والوسائد حيث كانت القعدة أرضية  على الطريقة العربية ،وعرفت أنه مخصص للسياح الخليجيين لكنه لم يكن مشغولا،
قلت للنادل :
-أأستطيع الجلوس هناك وحدي؟
تردد النادل ،لكن عندما أخرجت من جيبي ورقتين من فئة الدينار ومديتهن إليه ،قال :
-حسنا تستطيع الجلوس لكن في حال حضور سياح خليجييون عليك أن تترك المكان لأنه مخصص لهم ،لأن ذلك سيسبب لي مشاكل مع مالك الاستراحة وربما أتعرض للطرد ياسيدي.
-كن مطمئنا  ياعزيزي ،الف شكر لك؟
-أشكرك ياسيدي.
طلبت طعام العشاء وجلست أدندن على عودي مستمتعا بالنسمات الصحراوية العليلة. 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لحظات ورأيت شبح تبين أنه لفتاة قادمة من إتجاه الحافلة ،عندما وصلت إلي  بهرت بجمالها، لقد كانت على قدر كبير من الحسن والجمال ،وقفت أمامي قليلا دون أن تتحدث ؛ حتى أنا لزمت الصمت إنبهارا وضعفا  في حضرة الجمال الساحر، ذلك الجمال الذي نقف أمامه  باحترام وضعف دون أن نتكلم .
حقا  كان جمالها من النوع الغريب ،وأنا كم أعشق تلك الغرابة في الجمال . الجمال النادر البعيد عن التكرار ؛وتشابه الأربعين،  ،الجمال النادر ،رموشها الطويلة التي لم تكن مستعارة كانت تكاد أن تصل إلى أذنيها، كانت ترتدي كامل زينتها ،كان شعرها الطويل جدا والذي يكاد أن يلامس الأرض ،قد لونت خصلاته بعدة ألوان كالبنفسجي ،والزهري والذهبي ،
وأظافيرها الطويلة بشكل لافت والمطلية باللون الأحمر  اللامع، إبتسمت إبتسامة ساحرة تسلب العقول ؛ قلت في نفسي أين أنت من جمال فتاة صديقي حسن؟
بلا  شك لا وجه للمقارنة ، أن الله قد استجاب لي ،أخيرا قالت:
-أسعد الله مساءك؟
-مساء الجمال ياعزيزتي ..أشرقت الأنوار ..لقد أنرت تلك الليلة الظلماء.
إحمرت وجنتاها خجلا وقالت :
-لقد جذبني صوت عودك الذي يجعل الصخر يلين؟
-حقا ..تفضلي بالجلوس وسأعزف لك وأغني حتى الصباح.
جلست فكان فستانها المفتوح من كلا الجانبين والذي يكشف عن كامل ساقيها ،هو  أشبه بفساتين النجمات العالميات والذي لم يكتفي بجمالها الساحر بل كان يظهر مفاتنها 
للملأ بلا رحمة بالقوب الضعيفة .
لم أتنبه إلى أن المكان قد إمتلأ بالنساء والأطفال والغلمان والرجال ،بل ومعهم قططهم وكلابهم. 
لم يكونوا خليجييون ،بل ربما أن السماء قد فتحت أبوابها وأرسلتهم إلي  وبالتالي لتأخذني إلى جنة على الأرض. 
فأن ثيابهم وشعورهم ووجوه أطفالهم كل ذلك جعلني أشعر كما وأني بداخل مشهد من فلم سينمائي  استعراضي كلف ملايين الدنانير .
ثم جلست وامسكت بعودي وبدأت بالعزف والغناء مستهلا :"تعلق قلبي طفلة عربية ..تنعم بالديباج والحلي والحلل .."بينما الجميع يشاركونني الغناء والرقص والعزف على إيقاعاتهم وآلاتهم الموسيقية الغريبة ،المبهرة ،وكان الأطفال الذين  فتني جمالهم  أيضا يرقصون في كل مكان طربا وفرحا. 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كان طفل في السادسة من عمره ، رائع الجمال ..شعره كالحرير، كان مستلقيا إلى جانبي، مريحا رأسه فوق ركبتي مستمتعا بالغناء طوال السهرة  فحاولت ألا أزعجه أبدا برفعه وإجلاسه، وكان أحيانا يعيق إمساكي بعودي،فكنت كلما استرحت بين الوصلات أنحني إلى هذا الملاك فأمنحه قبلة على وجنته وأمسح على شعره بحنو مستأنسا به.
في غمرت فرحي بتلك السهرة نسيت حتى أن اتناول طعامي الذي برد واستغنيت عنه لأن سعادتي قد أنستني جوعي ،بل   أشعرتني بالشبع.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
طفلة أخرى كانت تقف ورائي تحيط عنقي بذراعيها ..وحين تمسح على شعري وحين أخر تلعب بأذني كما وأنها مندهشة منها!!
بعد السهرة 
أشرت للفتاة بأن  تقترب مني قليلا لكي أهمس إليها بشيئ ،عندما مالت إلي وقد إزدادت فتنة وجمالا، سألتها:
-ماأسمك ياعزيزتي ؟
-اسمي شهرزاد .
-حقا اسم يليق بك ياجميلتي؟
-أأعجبك اسمي.
-بالطبع ..أأستطيع أن أكلمك على إنفراد.
-نعم تستطيع .
وضعت عودي جانبا ..أسندت الطفل الذي كان قد غفي على ركبتي مستغرق في نوم عميق،أرحت رأسه على الفراش ليكمل نومه ،نهضت ومشيت مع شهرزاد ،
عندما ابتعدنا عن الجميع أمسكت بيدها التي كانت في نعومتها أشد من نعومة الحرير وقلت :
-اتمانعين ذلك ؟
-لا.
ثم بادرتها ودون أن أضع لكلامي أي مقدمات :
-لن أسألك أي سؤال أخر بعد أن سألتك عن اسمك ..لكني أحببتك واطلب يدك للزواج .. اتقبلين.

                         "وللقصة بقية "

تيسيرالمغاصبه 

ليست هناك تعليقات: