جنون العشق
د. كرم الدين يحيى إرشيدات
حبيبتي،
هذه الليلة...
رُفع عنّي القلم،
ليلة أمارس فيها كل طقوس الجنون،
جنون العشق،
سأخطّ تفاصيله بكلماتٍ
ما خُطّت، ولن تخطر على بال بشر.
أخبريني،
كيف سأقضي اللحظات بدونك؟
وكيف ستمضي الساعات من دونك؟
وكيف سيكون شكل الليل
بلا تراتيل جنوني،
حين كانت تغنيكِ ترنيمة عشق أزليّة؟
أنتِ ليلة الميلاد لقلبي،
أُقدّم إليكِ مناسكي،
وقرابيني،
فأنتِ قُدسيّتي التي تركع لها
كلّ أحرفي وعباراتي.
معكِ،
أصبحتُ أنا وكلّ حروفي مجنونة،
مشاعري منفلتة،
كلماتي أشدّ مني جنونًا،
وأشواقي هي كلّ الجنون على الأرض.
وإن لم يكن عشقي لكِ جنونًا،
فأنا لستُ بعاشق.
حبيبي،
من قال إنك وحدك من جنّ بهواه؟
فوالذي رفع السماء بغير عمدٍ،
أنا أكثر منك جنونًا،
وحبّي لك أكثر تمرّدًا واندفاعًا.
أنا من حدّث الليل،
وأنزل النجمات إلى جواري،
وقصصتُ حكاياتنا لمرود كحلي،
ولمشطي، ولأوراقي.
أنا من رسم صورتك على مناديل الورق،
وتجمّلتُ كل ليلة،
ولبست أجمل الثياب،
وكنت أحادث نفسي طويلًا...
عنك، ولك.
حبيبتي،
غيابكِ لحظةٌ تستعر فيها نيراني،
وتستفيق كلّ موجات جنوني.
علّمني حبكِ
جنون الاشتياق،
وجنون اللوعة في الغياب.
مشاعر مجنونة
تسكن أعماقي،
وهمساتي... أجنُّ وأُجَن.
حبيبي،
يا من كتبتَ الجنون بحبر الشغف،
وسكبت من روحك عشقًا بلا تكلّف،
مشاعرك نارٌ،
وأنا في لظاها أذوب،
كأنّي نذرتُ لك ذاتي.
ترانيم حبّك أحاطت فؤادي،
فغدوتُ في قلبك أعذب مؤلّف،
دعوتك حلمًا على شفتيّ،
فسافرتَ فيّ كنَبضٍ يُؤلّف.
أنا الموج إن غبت،
والظلّ إن عدت،
كتبتك وردًا،
وسقيتُك عمرًا،
وسكّنتُ وجدي،
فإليك تعرّف.
يا حبيبي،
من خيالك أعيش،
ومن همسك العذب أتشرّف.
وإن متُّ حبًّا،
فلا تأتِ باكيًا،
فحبك عمري،
وبه أتشرف.
أنا من عشقتكَ بكلّ اعتراف،
فهلّا بقلبي تجنّنتَ… واعترفت؟
مشاعري أنت، وأنت جنوني،
فمن غير حبّك… كيف أُعرَف؟
تلك التي تتحدّث بها روحي إليك،
حبيبتي،
يا سيّدة نساء الأرض،
أنا مجنونكِ،
ذاك الذي يهمس ويهذي باسمك،
ذاك الذي لم يرَ من النساء سواك.
أنتِ في عيني كلّ النساء،
أنتِ امرأتي وحبيبتي،
أنتِ بدايتي،
ومعكِ تكوّنت كلّ مفردات غزلي.
أناجيكِ بأشواقي،
التي هي كلّ ثروتي.
يا امرأةً
كلّ القوافي تتغنّى بك،
تصفك بالملاك،
وتنعتني بالجنون.
لكِ السعادة،
ولي الجنون… وأكتفي.
حبيبتي،
أتدرين من أنا؟
حبيبي،
أنتَ فارسي،
ذاك الذي جاءني على صهوة جواده،
مرتديًا ترسه، وبيده سيفه،
تحدّى الدنيا لأجلي،
وأنشد أبيات حبّه أمام الجميع،
لم يرتعش له جفن،
ولم ترتعد فرائصه.
أنتَ فارسي الصنديد،
الذي جاء ليحملني إلى هناك،
خلف القمر،
لنُشيّد معًا مملكتنا الصغيرة.
حبيبتي،
لكِ الحياة،
أما أنا…
فلا يهمّني إن عشت أو متّ،
فحبّك كان بدايته أنتِ،
وأنتِ من كتبتِ له المقدمات،
لنهاياتٍ حتميّة:
إما الموت... أو الجنون.
يا امرأة،
اكتبيني بأحبار أقلامك،
صفيني بمدوّناتك،
تحدّثي عن مجنونك،
ارسُميني على أوراقك حكاية،
حكاية من نقش أحزانه على يديك.
كنتُ حزينًا قبلك،
وعلى يديك تعلّمتُ فنون البكاء،
وكلّ شهقة عندي
صارت معنى... وصارت عنوانًا.
فأصبحتُ بحبّك مجنونًا،
مشاعري مجنونة،
لأني ما تعلّمت من حبّك...
سوى الجنون
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
الاردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق