الجمعة، 1 أغسطس 2025

نص نثري تحت عنوان{{إمرأة من ريح}} بقلم الكاتب السوري القدير الأستاذ{{مصطفى محمد كبار}}


إمرأة من ريح

أنا و إمرأة من ريح 
لست معتادٌ أن تُقبِلني إمرأة عند 
شاطىء المراهقات
لست معتادٌ أنا أن تعانقني إمرأة 
تغمرها الإنسجام بالحب و هي تتنمل 
بجسدها بين ذراعي
نمت و نامت و الحلم بقي يؤرقنا 
بخمر التلاقي
فالدي كل الشعور مع الذات عندما 
أنفرد بوحدتي 
من هي تلك الزائرة التي تسرق مني 
كل أحاسيسها و تغتزل العناق
سؤالٌ أسأل به نفسي منذ فترة 
فهل أنا أحتاج لإمرأة كي تتقاسم معي 
كل الوقت أم فلا 
ستنوب عنها الكتابة بوهج التخيل عنها 
على الورق 
انثى جميلة فأتخيلها كفراشةٍ و هي ترقص 
بجدائلها بين الكلمات
فالست معتاد أن أرى ما ليس أراه لي
بمخيلتي 
فأنا لست متعودٌ على ملامسة جسدها
و يدي تمسح بشعرها ثم أقرأ  لها من شعري
العاطفي بالغزل
لست معتادٌ على الإنتحار و أن أغرق في 
بحر عينيها 
بنظراتها الساحرة أو مجبرٌ أنا بطقوس
العواطف المستحيلة 
و ربما قد لا أحتاج إلى غرفة نوم أيضاً 
أو لسرير جسدين من ريح لكي أعرف بكل 
تفاصيل الإنوثة
فماذا ينقصني لأرجع معها لذات اللحظات
إمرأة تسرقني من الضجر 
فلما أنا مازلت أسيرٌ بيد الوحي و القافية 
تربكني بالأحزان فلا أتحمل 
المزيد 
فقد لا أبوح بكل ما بصدري لها و قد أنسج 
خيوطاً لها من شذى الياسمين و أنا أعبر كأي 
عابرٍ غريب بعالمها 
و كأنها لم تغادرني منذ السنين تلك و لا ركبت
بكل الكلام موج الرحيل 
فكأنها هي الآن معي كما كانت و تشاركني 
كل اللحظات
مازلت أحبها كما سابقتي مازلت أعشقها 
كما كنت كوصية الآلهة بالطيبين
مازلت أتلاعب بكل الشعور الهذايان و بالكلمات 
و أتمدد معها بسريرها و كأنها تلك
الحقيقة الوحيدة 
مازلت أرتعش من قبلة شفتيها اللوزية بشهد العسل 
السائل من ثغرها 
كأنها ياسمينٌ بليل تموز تسكني كل الأماكن 
التي أقصدها 
مازلت أضوع شقياً بين زهرتين تتدلق من صدرها
الأبيض الناسع البياض
عيناها الواسعتان تقتلاني برمشهما الطويلتان
حتى حدود السقوط  
و ترميني شهيداً بين مقلتيها كالبرق كمتيمٍ
مات من القرب
فحيناً تراني أركض حافياً كالمجنون بمخيلتي 
و أنا أرافقها لدنيا الخيال
و حيناً تراني أبكي بآخر نهاري من الخيبة و أنا
عائدٌ من رحلة طويلة 
فبكل ليلةٍ و أنا أتردد لذات الحلم بخيبتي لذات 
السرير لذات الأشياء و أنتظر على باب
الأمل نجاتي من الضياع 
صدرها القاتل بالكامل كانت دوماً هي ساحتي 
بحرب العاشقين
رقصتها معي على ضوء الشموع الحمراء 
بسيمفونية موزار 
بعناقنا الطويل برائحة غرفتنا المعطرة حتى 
الصباح بإكتمال الجسدين في روح واحدة 
بوقت اللقاء
حينما كنا نرشف بالحب و بأزاهيج السعادة 
معاً بكل ساعتنا الطيبة باليالي العاطفة 
الساخنة 
بسحر قلبينِ متلهفين للحب قلبين عاشقينِ 
كان يرسمان دربٌ من حرير 
فتلك هي إسطورة الحكايات الطويلة مع السنين
بيني و بينها تلك هي كل العناوين
إمرأة بقيت على ضفتي عارية مع الحلم 
البعيد مستلقية 
إمرأة جميلة كانت و لم تدعوني لسهرة العشاء 
معها إلى المطعم و هي ترتدي فستان 
الإغراء 
فأشتاق إليها و أمدها لساعة أخرى بخيالي
و أشتهي وصلها بكل لحظةٍ 
من الوقت 
بكل مكان و بكل زمان مازلت أنتظرها كمشتاقٍ 
عصي عليه دروب اللقاء  
ها أنا وحدي أفقدها من جديد بين صرخات
الروح المدوية
ها أنا أرشفها كلاماً و أتخليها معي تتبسم بكل 
الأشياء بصورتها البريئة 
ها أنا أرسمها بالكلمات و بالرموز و بأجمل
المفردات و أرتبها كشبه
القصيدة
حبيبتي شقراء بيضاء سمراء حنطية بنية
لا فرق عندي بين النساء الجميلات 
 فلم أعد أميز بين وجهها العتيق و لا  بين 
وجه مرأتي 
فهل أسأل مرآة البيت عن صورتها القديمة 
أم أتجاهل وجع الغياب
أفكر في القوافي و بشكل القصيدة كيف 
سأعيد لها رونقها 
و أنا أمضي بالخيال إلى جهةٍ مجهولة بعيدة
لا تبشر بالخير 
عالمي كله عالمٌ مليءٌ بالصور و بكل تفصيل 
الذكريات  ف ضلت طريقها 
عالمٌ رمادي موحش بالظلام و بالألام و لا علاقة 
له بواقعنا المر و لا بالأمنيات 
فأنا لست معتادٌ هكذا أن أقف أمام الكلمات 
عاجزٌ بلا حراك
و أنا أفتش بزوايا القصيدة عن المعنى في 
شكل الإنتحار 
لأول مرة ٍ أكون فيه حائرٌ هكذا و أنا أتردد كي 
أختار ما يليق بهزيمتي من الكلام 
فمن أين أأتي بلحظات الإنتظار و بكلام العاطفيين
الأوائل و أنا أطلُ على المساء بثقل 
الإنكسار 
فربما سأبحث و أبحث عن واحدةٍ أخرى بين
كتب السماوات 
واحدة تجيد فن التعامل مع الشعراء و تتقن 
الإنوثة بليال المحرومين بزمن 
العذاب
إمرأة تدرك طباعي السيئة في الحب فأنا غريب 
الأطوار منذ أن ولدتني أمي و ماتت
فأنا أشرب من نهد المرأة خمر النبيذ في كل
الصباح لأكون بخير 
و في المساء أتأمل هدوء الروح و أداعبها بالحنين 
و بكلمات القصيدة لأستكن بحضن من
أحب 
فأنا لا أشبه الآخرين الكثر  فلا بجسدي و لا 
بجرح قلبي المسكين و لا بحسرتي
الطويلة 
فساعةً تراني بقرب الوحي و أنا أحمل 
غياب الآخرين
و ساعةً أخرى تراني هناك أفتح نافذة ذاكرتي 
و أبكي لا سر في جسدي بعد هذا
العدم 
فقد تأتي إمرأة من معجزة النسيان من بين أمواج 
البحر حافية لتشاور عليَ من بعيد 
و قد تأتي من صورتي الحانية في الهلاك 
إمرأة عارية غازية لأيامي
كلها 
فربما ستأتي من ماء الأنهار
أو من السماء او من نصيب الآلهة بسماء الحلم
كالأقمار 
أو من شعاع الأمل من بعد الإنتظار
أو من صلوات الحرمان تحت أشعة الشمس 
الحارقة من صورة الغبار
ربما تأتي من دموع العيون الزرق من جبال السنوات
التي تنهار 
أو  من عدمي 
من أثر خطوتي من صدري من قلبي من أعلى رأسي 
أو تخرج من بين قدمي
أو من ظلي الطويل المكسور الممدود ورائي 
من تلهفي الحائر الضار
أو ربما تأتي مع المطر الخفيف فتسقط على
جسدي مبللة
و قد تشق صدري فتأتي كجرحٍ كبير من 
الحجر ِ
أو قد تأتي من كل اللحظات و من 
الضجر 
من ظلال الروح الاخيرة من ببن الأشجار 
من  غاباتٍ بعيدةٍ لا تسكنها غير الاشباح و 
سود الغرابين 
ربما قد تأتي كيتيمة عندما تكسرها 
الايام و تبكي
قد تأتي من بين الكلمات من الحرمان من نارِ 
الإنفجار من قصيدة عابرة 
أو ربما ستأتي من بين لحظات الحب الذي
كان 
من جرح الذكريات من سيرة الحكايات 
من وجع الألم بالخاصرة 
قد تأتي مثل لعنةٍ مقلدة لتعيد بكسر ابن الكبار 
تعمداً و بكل إصرار 
لتخبرني عن زمن الأحلام المقتولة هناك 
بين الطيبين و بين الأشرار 
إمرأتي جعلت منها حبيبتي سيدتي و سيدة 
كل عناوين و كل دار 
فماذا أُسميك يا شبح كلماتي هل أنادي يا هناءٌ 
و يا سعاد يا فاطمة  مريم  رهف  دعاءُ 
يا أملٌ إن كنتِ أو جلنار 
فكل الاسماء هي أنتِ و كل الكلمات هي
أنتِ و كل الصلوات 
فكون قدراً جميلاً  كي لا ألعن بغيابكِ كل 
الأقدار 
فالكلمات وحدها هي لعبتي و أعلم كيف 
أُديرها و كيفما أشاء 
لكني سأبقى سيد الحلم و أتخليها و أرسمها 
بملامح حلمي البسيط 
لأسكنها مثل الروح التي تخترق جدار القلب 
بألف ثقبٍ  بألف إنكسار 
فياليتها ترجع من الورق إلى زمني من الخيال 
إلى الحقيقة إلى دمي الشخصي 
يا ليتها تدرك بوجع الحلم و ذكورية الوحدة 
القاتلة 
أتقرأ هناك من قصائدي الكثيرة أم تبقى لوحدها
هناك سيدة الورق فقط
ليتني كنت معها بالكلام في خيالها كطائرٍ حر
أطير بها لآخر القيامة 
ليتني كنت هناك  لأحملها بروحي و أمضي بها 
لكوكبٍ بعيد فلا يسكنه غيرنا أحد
ليتني ألمسها بيدي و أتنفسها فأراها و هي تعيد 
لحياتي حياتها  فأحيا بها من 
جديد 
إمرأة سكنت ذاكرتي منذ الولادة منذ القدم 
و نامت غريبة في الرحيل 
فإلى أين ألتجأ و كل الجهات سيفها بصورتها
بخاصرتي 
فهذا المساء البارد بقي طويلٌ طويل  و بقي 
الإنتظار على دروب اليأس 
مستحيل 
ورقٌ أبيض فارغ الكلمات بين يدي بياضٌ بياضٌ
بياض
لا شيء هنا بجديد لا زائرة تنادي بأسمي فأصحوا 
من الخيال لأشرب قهوتي
و لا من إمرأة تأتي من الحظ السعيد لأقدم لها 
باقة وردٍ 
و أحتفل معها بمسائي المليء بالفراشات و أحسن 
التصرف في سبيل الإحتضان 
لا إمرأة تشدني لجسدها بسكرتي و هي 
مخمورة الروح
و لا الكلمات تشرق بظلامي من أصابعي إلى 
جهة القصيدة 
مازلت أمشي بضياعي لآخر النفق بوحدتي
الطويلة  
مازلت أحمل غرامها القديم بين الخفقات 
نبضاً وراء نبض
حاولت جاهداً و كثيراً أن أرسمها لأوهم نفسي 
بالجاذبية تجاه من أحب و ما أشتهي 
من الجمال 
لكني فشلت و فشلت أن أتلمس روحها الغائبة 
و أن أرجع لصوابي 
فالجنون قد تيقن بسقوطي بغيابها و أوعظني
بالسراب المميت 
فالقصيدة لم تستطع أن تحمل عبء صورتها 
فإنكسرت مضرجة خائنة 
فكن أنتَ يا أيها القلب حجراً بغيابها القاتل 
حررني من العبث بمقابر الأموات
و انسى من دارت بقتلك هناك و هي تزهو 
لألف زمانٍ 
فنجت لوحدها هناك بكفن العذاب بعد نهايتك 
و أنتَ لوحدك بقيت هنا معي تمدغ 
بجلدك
فكن لوحدك يا أيها القلب مع وحدك و انثر بخيالك 
نحو البعيد و لا تفكر بأحدٍ من بعدك 
فأنت الحقيقة وحدها و كلها فكن كما الريح 
بعيد السفر
بدربك و اشكو ربك ثم ربك و لا  تعد معي خاسراً 
و أنتَ تجرُ  ورائك بصورها فتموت دونها 
وحدك 
فكن لوحدك كي تكون سالماً معافى من الخيبة 
في ظلك لوحدك في دمك 
خفف عبء السموات عن القصيدة و قل ما شئت 
عن ألمي في ردك الطويل 
و لا تحمل ذنب الأحلام معك لآخر الإنكسارات
لآخر الأمنيات المسلوبة من جدار
القصيدة 
لو كنت شبحاً يا قلبي لرتبت لكَ و لحياتي ما 
كان يليق بنا
لسرقة ضحكتي القديمة و صورتي و نبضك 
الأخير من المستحيل 
لكنا نجونا معاً و نسينا حلمنا البريء في صورة
إمرأة لم تكن
لخضنا مع الصلوات الخمس فريضة حلمنا 
المقتول بزمن الخذلان 

إمرأة من ريح  ..... إمرأة بقيت بطوق 
الشيطان 

بقلم الشاعر الكردي 

ابن حنيفة العفريني 
مصطفى محمد كبار ٢٠٢٥/٧/٢٧

حلب سوريا 

ليست هناك تعليقات: