حوار مع الظلّ المفقود (3)
"تصاعُد الصراع"
يشعرُ أنَّ المعركةَ بدأتْ تُفلتُ من يديه،
كما يُفلتُ الماءُ من بينِ صخورِ الساقية،
كما تُفلتُ الأحلامُ لحظةَ الاستيقاظ،
كما يُفلتُ العُمرُ دون أن ندري.
يدركُ أنَّ الظلَّ
قد دخلَ جُبَّ فنونٍ جديدة،
بدهاءٍ يفوقُ صاحبه،
أكثرُ مكرًا من وليّه،
وأكثرُ حريّةً من سَجّانه،
ليُهيّئَ له ــ على بساطٍ ناعمٍ ــ
خُطّةً لا تُبقِي ولا تَذَر.
يحضرُ الأصلُ مرآةً كبيرةً كعينِ الليل،
ويضعُها أمامَ الظلّ،
كفخٍّ من فضّةٍ وخداع،
يحاولُ أنْ يَحبِسه
في عالمِ الانعكاسات،
في سجنِ الصورِ المقلوبة.
لكن...
يَحدثُ أنْ يتمرّدَ ظلُّ المرآةِ كالبرقِ الأسود،
يرفضُ طاعةَ فكرةِ ظلٍّ أرضيّ،
ويُصبحَ ثائرًا آخرَ
في جيشِ الظلالِ المتمرّدة.
الآن...
ثلاثةُ كياناتٍ في الميدان:
◆ الأصلُ كشجرةٍ وحيدة،
◆ الظلُّ كنهرٍ أسود،
◆ وظلُّ الظلّ كموجٍ لا يهدأ.
وحينَ يَكسِرُ ظلُّ الظلِّ المرآةَ
بقبضتِه الغاضبة...
تتطايرُ شظاياها كنجومٍ محطّمة،
وينكسرُ ظلُّ الظلِّ إلى ألفِ ظلٍّ صغير،
كأسنانِ التنّينِ في دموعٍ من زجاج،
كأسرابِ عصافيرَ سوداء
تتدافعُ من قَفصٍ محطّم.
الأصلُ يحاولُ أنْ يجمعَ
كلَّ الظلالِ المتكسّرةِ بيدَيهِ الداميتَين،
لكنَّ الظلالَ تتكاثرُ...
تتكاثرُ في كلِّ اتجاه.
حينها،
ينهارُ جبلٌ...
أوتارُ عودٍ مقطّعة،
في ساقيةٍ،
في جدولٍ،
في نهرٍ،
في بحيرةٍ حمراءَ فاقعة.
وفي صدفةِ الألم،
يتولّدُ ظلٌّ جديدٌ...
كاللؤلؤة.
✍️ محمد الحسيني – لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق