حب في كل زاوية 3
"قفزات على أطراف الصدفة"
كان عليَّ أن أفتّش عنك في مكانٍ ...
فوجدتني أدخل مسرحًا يعجّ بالأضواء،
وأجلس في مقعد لا يشبه المقاعد.
ثم ظهرتِ…
راقصة باليه بخفّين يلمعان تحت وهج الكشاف،
خطفتِ أنفاسي مع أول التفافة،
مع أول إلتفاتة ،
وحين دوّى التصفيق…
لم يكن لكِ، بل لي!
أنا، الغريب المندهش في الصفوف الأولى،
وكأنني من سرق العرض من قدميك.
دعوتِني بحركة يدٍ خفيفة،
فصعدتُ إلى الخشبة،
وهمستِ ضاحكة:
– "هل تعرف الرقص؟"
فأجبتكِ وأنا أتعثر:
– "كأي عربي، أتعلم الخطوات بعد أن تنتهي الموسيقى!"
ضحكتِ…
وبدأنا نتمايل،
كأن الخفة أُعطيت لي بالصدفة،
وفي المنتصف قلتُ لك:
– "هل أنتِ التي كنتُ أبحث عنها؟
أم أنني أطارد ظلكِ منذ البداية؟"
أجبتِ:
– " يانا، من براغ… ومن أنت؟"
قلتُ:
– "محمد… من بلادٍ لا تصدّق القصص إلا إذا انتهت بعربة وخيول."
في الخلف، المايسترو يرفع عصاه،
لتهوي إلى الصمت الأخير،
يتعالى التصفيق مجددًا…
الجمهور يصفّق بجنون…
انتبهتُ فجأة: كل الأيادي تتحرك بنفس الإيقاع، الابتسامات مكرّرة، العيون زجاجية.
ارتجفتُ،
أمسكتُ بيدك،
وحملتكِ نزولًا عن الخشبة،
كأن العرض انتهى بنا لا بهم.
وخارج المسرح،
على رصيف بارد، جلستِ تعدّلين قدمك العارية.
انحنيتُ أربط لكِ الخفّ،
وأقول مازحًا:
– "لا تقلقي، هذه المرة لن ينكسر الكعب… لأنه لم يولد بعد!"
ضحكتِ برأس مائلة،
وأنا أكمل:
– "ثم ... من غير أمير الأرصفة يعرف أن الحب يبدأ من عقدة رباط صغيرة؟"
صعدنا العربة…
ثلاثة خيول تنتظرنا بمللٍ نبيل،
انطلقت بنا في ليل المدينة العابثة،
وأنا أقول لنفسي:
لقد بدأتُ البحث عبثًا،
لكنني خرجتُ الآن براقصة،
اسمها يانا…
تبتسم لي أكثر مما يبتسم العالم.
✍️ محمد الحسيني ــ لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق