الجمعة، 19 سبتمبر 2025

قصة تحت عنوان{{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


"في عتمة الحافلة "
  سلسلة قصصية 
        بقلم:
 تيسيرالمغاصبه          
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
   المحطة الأخيرة 
            -٢-

 عثرت أخيرا على رقم مقعدي ،لم يكن إلى جانب النافذة "كما أحب" ،لكن كانت هي تجلس عليه..على مقعدي ،بالرغم من نحولها الواضح إلا أنها كانت تمتاز بجمال من نوع جديد ،جذاب ،ذاك الجمال الذي لايمكن أن تخفيه الهموم .
شعرت ببعض الارتباك لكنها إبتسمت إبتسامة جميلة ،إلا أن  ابتسامتها فيها بعض القلق من شيء ما ..هكذا حدثني قلبي ،وقالت :
-عفوا.. أعلم أن هذا المقعد هو مقعدك ،لكني لا أحبذ الجلوس  قرب النافذة ،لاأرتح للنظر منها ،هل تفضلت بالدخول وإستبدال مقعدك بمقعدي ؟
-نعم بكل سرور آنستي .
نهضت من مكانها ودخلت أنا إلى جانب النافذة ؛صدفة حسنة ،ثم عادت هي وجلست على مقعدي .
أرحت ظهري على مسند مقعدي  ووضعت حقيبتي الصغيرة المحمولة على ساقي، نظراتها إلي توحي بأقبالها على الحياة، لكن بغصة تحاول إخفائها ،هي تريد التحدث إلي ،لكن.. لعلها لاتعرف كيف تبدأ بالحديث. 
تأملت وجهها الصغير بفعل النحول  ،كانت تقاطيعها لاتخفي أبدا ماتسببت به الحياة لها من صدمات وشقاء مبكر ،وماتركته من أثر على محياها ،تلتفت إلى كل ماتراه وتبتسم له ؛فتاة جميلة ،طفل يمر مسرعا، باقة أزهار بيد إحداهن،تصفيفة شعر مبتكرة، طاقية جميلة.
أخيرا إلتفتت إلى مايخصني ،تأملت ساعتي ،هاتفي ،دبوس ربطة عنقي ،فأشعرتني بوصول عبير  عطري الجديد إليها .
بعد تجاربي الكثيرة مع معظم أنواع الناس وعلى مدى أربعين  عاما ،وخطوبتي مؤخرا من فتاة متوسطة الجمال ،عندما شعرت بأنها قد تمنحني الراحة والسكينة بما تبقى من عمري بعد رحلة شقاء طويلة ،و..أعتقد بأن رحلة الشقاء تلك  ستطول أكثر.
خفق قلبي اليوم بحب جديد ،وهو عند رؤية تلك الفتاة لسبب لم أعه، هل هو شفقة ،أم ربما التشابه فيما بيننا بما نشعر به من ألم وقلق.
لكن لماذا يخفق قلبي هكذا !!
أن القلب لايخفق هكذا  إلا عندما يحب.
بعد دقائق من إنطلاقة الحافلة، وبينما كانت تتأمل قطرات المطر على النافذة بقلق ،فتحت حقيبتي الصغيرة وأخرجت منها رواية وبدأت بتصفحها لعلني أتغلب على شعوري هذا.
ماأن رأت صفحات  الرواية مستسلمه براحة بين كفي ومداعبة أصابعي لصفحاتها  ،حتى أمالت رأسها محاولة إلتقاط  عنوانها على الغلاف الخارجي ،نظرت إليها ،أغلقت الرواية تاركا أصابعي بين صفحاتها عارضا غلافها عليها .
إبتسمت وقالت :
-"وداع للسلاح "أرنست همنغواي، شكرا لك؟
ذلك يدل على أنها قد قرأتها سابقا ،أما أنا فقد منحني ذلك الحافز ثقة لأسالها:
-أترغبين بقراءتها آنستي .
-شكرا لك أستاذ ،لاداعي لذلك فقد قرأتها  سابقا ؟
- وأنا قرأتها أيضا، لكني أحاول إعادة قراءتها.
تنهدت وقالت :
-لعلك تحاول إعادة جر  ذكريات الألم ..أليس كذلك ؟
-تقصدين فقدان الطبيب الملازم الأمريكي لحبيبته الممرضة  البريطانية  التي توفيت وهي تضع إبنه الأول بعد  أن شعرا بحلاوة النجاة ؟
-نعم ..أنه ..الموت ..الموت ذلك اللعين .
-أتخشين الموت ؟
-جدا جدا .
-لكني أخالفك الرأي فأنا أشعر بأنه أمان وراحة ؟
-مع احترامي الشديد لك ،أنا لاأصدقك أبدا ،فعندما تشعر بقدومه  حتما ستشعر بالذعر وبالتالي ستشعر بحبك للحياة وتمسكك بها سيزداد ؟
-عموما أن الاختلاف في الرأي  لا يفسد للود قضية .
-مودتي لك أستاذ ،أعتذر على طريقتي بالرد؟
-لا داعي للاعتذار فأنا معجب جدا بثقافتك وأسلوبك بالحوار.
-أنا ممتنة  لك على لطفك أستاذ ؟
وأعود للحديث عن نفس موضوعنا لأبعاد حالة التوتر :
-اتحبين القراءة .
-جدا؟
-عموما أن الكاتب أرنست همنغواي كاتب رائع وهو حاصل على جائزة نوبل للآداب عن روايته "العجوز والبحر ".
-صحيح..عفوا أستاذ حضرتك أردني ؟
-نعم .
-لكن لهجتك غريبة بعض الشيء ؟
-هههههههه واسمي أيضا غريب .
-هههههه أسعدت صباحا سيدي ؟
-عفوا آنستي أنا لست بسيدك..ولاحتى سيد لأي أحد..أنا سيد نفسي فقط ..لاأعلم لماذا المرأة دائما تكرر ذلك الوصف ،أرجوك لاداعي لوصفي بسيدك.
-هذا من ذوقك ..أما أنا فلست بآنسة هههه أنا سيدة ؟
-إذن أنت متزوجه.
-لا مطلقة؟
-غبي وسيء .
-ومن هو ؟
-ذاك الذي طلقك. 
-لعلي سعيدة بذلك ؟
-إذن هو بالفعل  سيء المعشر.
-بشكل لايمكن تصوره؟
-يبدو أنك بذلك تحملين إنطباعا سيئا عن الرجال .
-لا ذلك لن يحدث أبدا ،إضافة إلى أني امرأة محبة لا يمكن أن أكره أحدا فأن أبي كان رجلا صالحا .

                             "وللقصة بقية "

تيسيرالمغاصبه 

ليست هناك تعليقات: