لقيط الكلام
شعر : أ. محمد الصغير الجلالي
هَلْ أَنْتِ قَصِيدَةٌ؟
أَمْ لَقِيطَةٌ
تُرْمَى عَلَى قَارِعَةِ اللَّيْلِ
تَبْحَثُ عَنْ صَدْرٍ يَلُمُّ شَتَاتَهَا؟
أَمْ بَغِيٌّ
مِنْ بَغَايَا الشِّعْرِ
تَغْوِي الْعَابِرِينَ
بِفِتْنَةِ الْوَزْنِ
وَزِينَةِ الْمَجَازِ؟
أَنَا لَا أُمَيِّزُ
فِي عَيْنَيْكِ
بَيْنَ الْوَحْيِ وَالْعَارِ،
بَيْنَ النُّبُوَّةِ
وَشَهْوَةِ الْحُرُوفِ.
كَأَنَّكِ طَيْفٌ
يَتَأَرْجَحُ بَيْنَ قَدَاسَةِ الْمَعْنَى
وَسُوقِ الْكَلَامِ.
أَعْرِفُكِ...
كَقَصِيدَةٍ
خُطَّتْ عَلَى جِدَارِ الرِّيحِ،
لَا أَصْلَ لَهَا
إِلَّا شَهْقَةُ الْغَرِيبِ.
أَعْرِفُكِ...
دَمْعَةً فِي جَفْنِ الْمَعْنَى،
تَسْقُطُ
فَتُغْرِقُنَا بِالظَّمَإِ.
أَعْرِفُكِ...
سَيْفًا بِلَا غِمْدٍ،
يَمْشِي عَلَى جُثَثِ الْكَلِمَاتِ،
وَيُشَرِّحُ ذَاكِرَةَ الْعُصُورِ.
مِنْ أَيِّ رَحِمٍ جِئْتِ؟
أَمِنْ لَيْلِ الْأَنْبِيَاءِ،
حَيْثُ تُنْزَلُ اللُّغَةُ كَالْبَرْقِ؟
أَمْ مِنْ فَمِ السُّوقَةِ،
حَيْثُ يُبَاعُ الشِّعْرُ
كَالْجَسَدِ فِي الْمَزَادِ؟
أَيَّتُهَا الْمَلْعُونَةُ الْمُقَدَّسَةُ،
كَيْفَ أُصَدِّقُكِ
وَأَنْتِ تُشْبِهِينَ اللَّهِيبَ،
لَا تَسْتَقِرِّينَ فِي يَدٍ،
وَلَا تُورَثِينَ؟
أَيَّتُهَا الْقَصِيدَةُ،
يَا عَاصِفَةً
تَتَخَفَّى فِي فَمِ شَاعِرٍ جَائِعٍ،
يَا نَبِيذَ الْمَجَازِ،
يَا رُمْحًا يُطْعَنُ فِي خَاصِرَةِ الصَّمْتِ...
إِمَّا أَنْ تَكُونِي نَارًا
تَأْكُلُنِي كَيْ أَخْلُدَ،
أَوْ تَكُونِي رَمَادًا
يَذْرُونِي فِي وُجُوهِ الْغَابِرِينَ.
أَنَا آخِرُ مَنْ يُؤْمِنُ بِكِ،
فَإِمَّا أَنْ تَنْهَضِي كَالْكَوَاكِبِ
فِي جَبْهَةِ اللَّيْلِ،
وَإِمَّا أَنْ تَسْقُطِي فِي هَاوِيَةِ الْعُهْرِ
حَرْفًا بِلَا دَمٍ
وَلَا رُوحٍ.
أَنَا لَا أُرِيدُكِ مَحْظِيَّةَ كَلَامٍ،
وَلَا سِلْعَةً
فِي حَانَةِ النُّقَّادِ.
كُونِي طُوفَانًا،
أَوْ لَا تَكُونِي.
كُونِي دَمًا،
أَوْ لَا تُسَمِّي نَفْسَكِ شِعْرًا.
تونس، 30 - 9 - 2025

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق