السبت، 6 ديسمبر 2025

نص نثري تحت عنوان{{لاتسلني من أكون}} بقلم الكاتب المصري القدير الأستاذ{{محمد العطار}}


 لاتسلني من أكون

لاتسلني فلا إجابات لدي ...
 ولا وسائل دفاع يختزلها ثغري لكي أبرر بها إنتحار قلبي على مقصلة اليأس .
لم يعد لدي حروف تتقن تبرئة ذاتي أمام قاض العدل في بيت الحياة .
فأنا أعرف ياسيدتي بأنني مهجر ..أعلم جيدا بأني الإبن الأكبر لسلطان العذاب الذي أولاني الخلافة .
أعلم بأنني قد إخترت طريقي وأنا أبصر.. ولا أبصر إلا بعيني مجهول ضرير . 
تسأليني من أكون أنا؟
أنا تربة أرض تخلت عنها أشجارها جورا وظلما..حديقة جفت على ثغر الحرمان دون إرتواء...عبث في صدر الماضي دون ذنب أو خطيئة.
غبار قوافل تعمقت عبر الصحراء مشردة يتبعها الشتات..يرهقها بث شكواها لأنام غرقوا في صمتهم.
أنا مجموعة أشلاء بعثرها الزمان خلف باب عالمي الصغير ...حطام إبتلعته الأيام .
ذكريات أجداد تلاشت على باب خيمة لم تذق الدفء يوما.
إطلالة من أشواك أدمت القلوب وهي تصارع حفاة الراحلين بين شساعة أرض وغربة..على وقع وخزات لذاكرة النسيان وحافظات الدموع .
لاتسلني ياسيدة الأضداد هل أنا عربي عذبته عروبته ؟
هل أنا أردني ...نجدي ...مصري..سوري ..عراقي...
لبناني .
فلسطيني  ...مغربي.. ليبي ..تونسي ..جزائري.....
عربي  يجري بين خيام القوم ثاكلة أفلاذها..
تصارع رغيف خبز لعله يستسلم لجوع فؤادها ... تغمسه بحرقة دموع الجوع لتشبع أحزانها.
هل أنا إبن الألف جرح وجرح ؟
 هل أنا غصة في جوف الحنظل يستسقي مره مني ؟
لاتسلني فأجاباتي حبيسة بين ثغري وفراشي .
 بين ذاتي وعذابي ...بين قبائل أطفال روحي التي قسمتها الليالي عبر حدود أوجاعي.
إليك عني أيها الجرح الغائر في أحشائي ...أوقفي فيض أسئلتك التي تحاصرني فتجعلني كمدينة عالقة مابين الظلام والضباب... 
لا تحملني أوزار المشردين .. ولا دموع الأبرياء الذين نزفت أكبادهم على عتبات ظلم الأبواب.. وجفت قطوف ياسميناتهم على مباسم النوافذ .
لا تسلني من أنا ... فكيف أجيبك وأنا بلا هوية .
بلا اسم أنادى به ..فلا أجد في أوراقي إلا مسمى عاشق العذاب .. مشرد الحرية اليتيمة... 
 لم يعانق مسمعي إلا حروف الخوف والضياع ..ولم يبلسم جروحي إلا جروحي. 
بماذا أجيبك أيتها المتقصية عن جذوري ؟
أيتها الفضولية التي إجتازت كهف وحدتي فأرعبتني.
ماذا أقدم لك على  مائدة الألم وأنا لا أملك إلا كسرة من خبز روحي؟
ماذا أوسدك وأنا لا أملك إلا وسادات دموعي ؟
كيف لا أهرب من حنايا ضلوع اسئلتك وأنتي كالموت يداهمني ؟
وأنتي كالأقدار تفني راحلتي وتقيد خطواتي  برمال الهلاك . 
كفاك أيتها المسافرة..أيتها الباحثة في جزيرة الأوجاع..كفاك أيتها الحكيمة التي  تبرعم فلسفتها بثغر أحزاني ..تبكيني دون رحمة ...تعد علي أنفاسي .
إياك أن تأخذي حكمتك  من خلف مدامع الأطفال البريئة ..من جوع قلوب اليتامى القاطنين في لهفاتي..ومن جور الظلم والحرمان لقوارير النساء ..والجوع والتشريد للضعفاء الذين ابتلتهم الحياة بشدائدها فسجدوا لله شاكرين ...فهولاء ياسيدتي هم نور الأرض وعمارها الأنقياء هم أحباب خالق السموات والأرض .
كفاك أيتها السائلة.. فلا تسليني من أنا ؟
ولا تطلبين مني أن أمنحك براهين إعترافاتي .
فلقد أرهقتني بعمق أسئلتك .. وها أنتي قد تمكنت من ضعفي ... أركعت جموحي ..روضت خيول ملحمتي ... أسقطت دموعي على سجادة صلاتي ...وجعلتى ظلك يعانق 
ظلي وكأنك وطني.
محمد العطار 
مصر..

ليست هناك تعليقات: