السبت، 12 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{ذلك البحرُ}} بقلم الكاتبة التونسية القديرة الأستاذة{{فردوس المذبوح}}


*ذلك البحرُ*

ذلك البحرُ يعرفني
همستُ له بأغنية الشّغف
تنسّمتُ رذاذه
عانقتُ أمواجه
شيّدتُ على شاطئه قصور أحلامي
سيّجتها بألوية النّشيدِ 
رفعتُ عليها رايات الصّبرِ
ثمّ سوّيتها بالأرضِ
ومضيتْ..

ذلك البحرُ مراوغ
كعاشق يتملّى مفاتن الحبيبه
ينثر لها لآلئ الغوايه
يغريها بأصداف الحبِّ
يغرقها وعودا 
وينحسر هادرا نحو العمقِ ..

ذلك البحرُ في خضمِّ عُبابهِ
أنسى كلّ التّرّهاتِ
أجلس على أطراف صخوره
كمن يَجِسُّ نبضَ الأرضِ
أنقل همسَ زبده إلى دفاتري
أراقب نوارسَه تحلّقُ 
 تغازل السّمكَ 
ثمّ تخاتلُهْ

ذلك البحر
كم تدهشني سِعتُهُ
كأنّ في صدره كونا
هو مزار من فقدوا خرائطهم
من تكسّرت قواربهم
فجاؤوه بقلوب مغلقه
كقَشّة في مهبّ الأمنياتْ..

ذلك البحر تسكنه حوريّةٌ 
ترتّل أدعيةً زرقاءَ
تلوّح بمنديلها لكلّ غريقٍ
أن اقتربْ
تنتشله
وتمنحُهُ قبلةَ الحياةِ.

ذلك البحرُ يُضمّد العشقَ بالصّمتِ
يَكسِر الوحشة بالصّخبِ
يَرتِقُ شروخ القلب بموجة منكسره
يحرّر العشّاقَ من لعنة الانتظارِ
يدفن أوجاعهم في رمالٍ
لا تحفَظُ الأسماءْ..

ذلك البحرُ يكرهُ النّفاقَ
ينزع الأقنعةَ
لكنّه لا يغفِرُ الزّلّاتِ. 

         فردوس المذبوح/ تونس 

ليست هناك تعليقات: