سارية 5
"وشمك من ضباب"
في الضبابِ الذي انسدلَ كوشاحٍ من نعاس المطر،
كنتِ تمشين...
لا ظلَّ لكِ،
بل أثرٌ مائيٌّ،
كأنَّكِ حُلْمٌ خرج من جفنِ السماء
وتعثّر في الزرقة.
رأيتُكِ
بين غيمتين،
بين ارتجافِ شجرةٍ
ولمعةِ قطرةٍ
تتأرجح على خدٍّ منسي.
عيناكِ؟
كشُرفتين تُطلان على لا مكان،
وفيهما سُكونُ الجبال
حين تنكسرُ فيها الشموس.
يداكِ؟
أجفانُ الغيم،
ترفعانني حينًا
ثم تُنزلانني في مطرٍ
من أسئلةٍ مبتلّة.
وشمُكِ؟
لم يكن نقشًا على جلدِ الرغبة،
بل نَفَسًا طبعَهُ الضبابُ
فوق شغاف قلبي،
وبقي،
رغم شمسِ النهارات،
لا يُمحى.
كنتِ تمضين في الضبابِ
كما تمضي الذكرى في صدرِ المنفى،
خفيفةً كجناحِ يقين،
وثقيلةً كأمنيةٍ
تخشّى أن تتحقق.
وسارية؟
هي المدخل إلى الضياع المحبّب،
والمخرج الوحيد من لغةٍ لا تفهم غير الحنين.
من يراها…
قد يقول: مرّت غمامةٌ فقط،
أما أنا، فأقول:
مرّت سماءٌ كاملة،
وأنا من فقدتُ ظلّي خلفها.
✍️ محمد الحسيني ــ لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق