الأربعاء، 9 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{بُذورُ الثورة}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


 عندما يثور الصمت 1

"بُذورُ الثورة"

في لحظةٍ ما
ما بينَ نَبضَةِ قلبٍ وأُخرى،
لحظةٍ ما بينَ شهيقٍ وزفير،
بينَ كلمةٍ وأُختِها،
استيقظَ الصَّمتُ من نومِه الأزلي،
ونظرَ إلى العالمِ بعُيونٍ جائعة.

كأنَّ الصمتَ قد سَئِمَ الخُضوع،
سَئِمَ الفراغَ بين الكلمات،
سَئِمَ الغيابَ بين الأصوات،
سَئِمَ أنْ يكونَ وجهَ العدمِ...
فقرَّر كَسرَ قيودِه والنهوض،
أن يثورَ على الضوضاءِ التي تحكمُ كلَّ شيء،
أن يُعلِنَ وجودَه ويصرُخ... بصمت.

استيقظتْ معه كلُّ الأصواتِ المكتومة...
صوتُ نُموِّ الأشجارِ يتمدَّدُ بعينيه الخَضراوين،
صوتُ الأفكارِ التي تتشكَّلُ في الأذهانِ كهمساتِ ملائكةٍ
تَحومُ حولَ الجبين،
صوتُ الظلالِ التي تُراقصُ الشمس،
صوتُ الزَّمنِ الذي يتدفَّقُ كذكريات...

كان صوتُ الأفكارِ يَعلمُ أنَّه الأقوى،
لأنَّه الوحيدُ الذي يُراقصُ الخيال،
ويَصطدمُ بالمشاعر
ليَخلُقَ عواصِفَ من المعاني.

وفي مجلسِ الثورةِ السرّي،
تجمّعتِ الأصواتُ الصامتةُ في قلبِ اللحظةِ الفارغة،
في روحِ الكلمةِ قبلَ أن تُقال،
في نفسِ الغناءِ قبل أن يُسمَع،
في الهدوءِ الذي يَتبعُ الضحكة...

لقد كانت لحظةً مُفرِحةً للجميع،
مليئةً بالحبِّ... والأمل.

كان الصمتُ يُخاطبُ جنودَه وأتباعه:
"قد حانَ الوقتُ للتحرُّك...
أن نثور،
أن نُعلِنَ أنَّنا موجودون،
أنَّنا أحياء... أقوياء،
من كيانٍ وشعور".

( محمد الحسيني )

ليست هناك تعليقات: