الاثنين، 28 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{يسألونني عنك}} بقلم الكاتب الأردني القدير الأستاذ{{كرم الدين يحيى إرشيدات}}


يسألونني عنك
د. كرم الدين يحيى إرشيدات

يا يحيى...
صوتٌ يناديني باسمي،
كما لو أنه يعرفني منذ البدء.
يا يحيى، أما وقد شارف الليل على الرحيل،
والفجر بات قريبًا،
أما آن لأشواقك أن تهدأ؟
ألم يعلمها الليل الهدوء والسكون؟

من أنت؟ وماذا تريد؟
أنا قلمك،
ذاك الذي تغنّى بحروفك،
وأوصل أشواقك إلى أطراف هذا العالم.
أما زلت تحبها؟
أما زالت نار الشوق تشتعل في كلماتك؟
تتحدث عنها...
وحروفك ما زالت ملتهبة؟

توقف، أيها القلم!
وحذارِ إن سمعتك...
فإنها إن سمعتك، ستقطع لسانك!

لكن،
أخبرني أنت...
أتدري كم بيتًا كتبت عنها؟
وكم من كلمة نسجتها من لهفتكما؟
قل لي!
سأقول لك أنا:
سأكتبها بكل جوارحي،
بكل لغات الوجد والحنين،
بكل حروف الجوى،
وفي أعلى أبيات الغزل.

يا يحيى...
وإلى متى؟ سنة؟ سنتان؟ عشر؟
قلت لك أيها المجنون،
إن سمعتك، لقطعت لسانك!

حبيبي...
أتسمعها؟
ها هي قادمة...
لا، لا... سأتركك معها.

أيها الجبان،
قبل أن ترحل، سأنطق بالحقيقة:
الآن...
أزهار حبّنا تزيّن قلوبنا،
وغدًا...
عطرها سيبقى أثرًا لمن بعدنا،
وبعد غد...
النضوج والسكينة،
ثم تأتي الحكمة،
وذكريات السنين.

لكنّ المطاف لا ينتهي هنا...
فالماضي لم يكن سوى أولى خطواتنا،
واليوم...
نحن أيقونة عشقٍ أبدي،
أما الغد،
فنرتقبه براحة نفس،
وقلوبٍ تواقةٍ للّقاء.

حبيبي...
سمعت ما دار بينكما من حديث.
أما آن لذاك القلم أن يتعلم؟
هو فتان، نعم،
لكنه صادقٌ...
تحدّث عنا بصدقٍ وشفافية،
كثيرون سافروا معه إلى أقاصي المعمورة،
ثم عادوا...
وكلّهم شغفٌ للمزيد.

حبيبتي،
نحن الأصل،
نحن أصل الكلمات،
وأصل كل لحظةٍ تُرجمت ورُسمت،
كأنها لوحة من الفن العريق...
لوحة لا تُقدّر بثمن.

حبيبي...
ذاك القلم،
ما خاننا يومًا، ولا جفانا،
هو نبضنا، وسرّنا،
وحنيننا إذا اشتدّ الشوق.
كتبنا على صدر الزمان،
وكأننا سحرٌ لا يبهت.
نحن البداية والختام،
ونحن من للحب اكتفى.
فدعهم يقولون ما يشاؤون،
فالعشق فينا قد اكتمل واكتفى.

حبيبتي،
هو يسألني، ولا يملّ السؤال:
"أتُحبها، يا يحيى؟"
وهو يعلم أنكِ كل عالمي.
"أتحدّثُها؟"
وهو من خطّ كل حرف، وكل همسة،
وسجّل حتى الثواني التي جمعتنا.
يسألني...
وهو يعرف الإجابة قبل السؤال.

حبيبي...
القلم يسألكِ عني،
ليطمئن عليكِ.
وهناك ألف لسان، بألف سؤال،
يسألون ليطمئنوا هم...
ليعرفوا، هل بقينا على العهد،
أم فرّقتنا الأيام؟

هم صلّوا لفشلنا،
ليصمت الحرف فينا،
ولتموت الكلمات في حناجرنا،
رموا علينا تعاويذهم،
وسحرهم الأسود... ليفرقونا.

لكنهم لا يدركون أن الله معنا،
ومن كان الله معه،
لا تدركه المصاعب.

حبيبتي،
يسألونني عنكِ...
وكلّ العيون علينا.
منهم من كان قريبًا من القلب،
وكل أمانيه لنا،
ومنهم...
من لا يرى في السؤال إلا مراقبة الخَلق،
وقلبه يعجّ بالحقد والحسد.

فإن كان في السؤال خير،
فكل الخير لهم،
وإن أضمروا الشرّ،
فالله كفيل أن يردّ كيدهم في نحورهم.

د.كرم الدين ارشيدات 

الاردن 

ليست هناك تعليقات: