الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

قصيدة تحت عنوان{{ذكريات حوراء قبطيّة}} بقلم الشاعر التونسي القدير الأستاذ{{سمير بن التبريزي الحفصاوي}}


* ذكريات حوراء قبطيّة ...!

كانت ذكريات جميلة في عاصمة أم الدنيا ذات يوم...!
ذات جولة  ربيعة في قاهرة المعزّ،  كان الزّحام  على أشده ،وكانت كثافة المارّة  والسيارات والضجيج والدخان  في القاهرة لا حدّ لهما... 
وكنت منذ سمعت  أغنية  حسن الأسمر "توهان عالم مليان دخان " أطربتني ولم أفهم غايتها إلا ساعتها ...!!! وعرفت أن الفنان غنى منطلقا من مثل هذه الأجواء التي أشهد منبهرا...!
إنه صخب وضجيج وكثافة لحركة العباد والمركبات لم أره من قبل قط...!
كنت أتجول في القاهرة العتيقة، أين السيدة زينب والحسين وخان الخليلي وفي ذهني ذلك الموروث الإبداعي الفني  من الأفلام الرومانسيه بالابيض والأسود... والمسلسلات قديمها وجديدها والافلام الواقعية والحديثة...واختلطت في ذهني صور نجومها... نجوم وقامات الدراما والأغاني والقصه والرواية.... 
اختلطت في مخيلتي صور عمالقه الممثلين والفنانين والادباء... بالعناوين و والصور والمشاهدوالاسماء... !تذكرت  للحظة  مسلسل "ليالي الحلمية" و"الأرض الطيبة" وفيلم" الأرض" و ومشاهده ومواقف لا حصر لها ولا حد لها...!
 اني في عاصمة أم الدنيا ومنبع الأدب  والثقافة والفن والجمال والسينما والمسرح والغناء والإبداع...
 فتمثلت  كوكب الشرق  وعبد الوهاب وفريد الاطرش وفريد شوقي... ومحمود المليجي  واسماعيل ياسين ويوسف وهبي وفاتن حمامه  وطه حسين ونجيب محفوظ واختلط خان الخليل الكتاب بخان الخليل الواقع والنهج والشارع والزقاق ...!!!
 دخلت المكان،وانا بهذه الهواجس والأفكار... أعيش منبهرا بين زحام في ذاكرتي، وزحام محيط  بي يؤثث الصوره الجميلة من كل زواياها... 
  ومما زاد اللحظه  إثارة وجمالا واعتمالا أني صادفت في زحمة السّوق غزال ألمى ...!!!صادفت صدفة وأنا أكتشف المكان واتفرّس الوجوه القادمة الغادية  حورية حوراء ...! حوراء غالبت شدة سواد عيناها شدة بايضه ...!!!
هزني ذلك الجمال واخرجني من هواجسي وافكاري ورماني بالغصب في مدى اعجابي وٱنبهاري ...!
رمقت الفتاة فأخذت لبابي وطارت بما تبقى من عقلي ...! كنت في ريعان الشباب ساعتها... تقريبا عمري 23 سنة،  وكانت لي جرأة كبيرة وإقدام لا حد لهما... حيث أني كنت جريئا إلى درجة أنني لا أجد حرجا في التعبير  عن إعجابي اذا حصل لأي كان ومهما كان... !   وكائنا من كان....!
عزمت وأخبرت رفاقي ساعتها والذين وثّقوا الحدث بالصّورة ، بأني سأكلم هذه الحوراء الجميله، وأبدي لها فرط  إعجابي حتى وإن كانت  بالنسية لي بنت صدفة وعابرة سبيل لاغير  ...!!!
تابعتها دون إرادة مني...! 
ولما أحست بي أتعمد متابعتها ...فهمت غايتي...!و بادرتني بالسلام وبالترحيب وسألتني بحياء زاد الجمال عندها جمالا  قائلة :
-هل انت جزائري ...؟
فأجبتها مرتبكا بعد ان اهتزّ فؤادي لهمسها الموسيقيّ الأخّاذ  وبعد أن لاحظت صليبا قبطيّا في عقد أحاط بعنقها المرمريّ... :
-بأني من تونس ...
أطنبت في الترحيب والثناء على تونس الخضراء وأهلها  وعرضت عليّا إن كنت أحتاج مساعدة ...؟ 
فزاد جمالها جمالا وبهاء...!!! واختلط عندها جمال الخَلْقِ بجمال الخُلُقِ ...!!!قلت لها  لما أجبرتني بحضورها الألق على إلتزام الأدب معها أثناء محادثتها :
-غايتي  الوحيدة أيتها الآنسة  بأن أقول لك بأنّك آية في الجمال...!!!
 وخاصة ما في  عينيك من حور...!!  وإن العيون التي في طرفها حور...!!!
 أشرقت على محيّاها الملائكي ابتسامة عريضةأضافت الى إشراق الوجه المشرق  إشراقا...! و لاطفتني بالشكر والثناء والترحب مرة أخرى وغادرت وسط الزّحام دونما أمل في  لقاء آخر  ...!!!!
زاد كمدي...وزاد ولهي وشوقي وإعجابي وحسرتي...! وزادت وحشتي وغربتي وٱغترابي...! وأنا أودع غزال ألمى خاسئا  منبهرا صريع هوى النظرة الاولى ...!! كاني أحببت من أول نظرة...  ومن جانب واحد... دونما أمل في وصال،و أمل في  رؤيتها مرة أخرى وأمل في لقاء...!
فأنشدت أقول : 

لَمْ أُجَرِّبْ يَوْمًا طَعْنِ اللِّحَاظِ
               حَتَّى طُعِنْتُ فِي مَدَى أَعْمَاقِي   
أَصَابَتْ مُهْجَتِي عَيْنَاهاَ المِراضُ
           وَثَمِلْتُ  عِشْقاً فِي  وَهَجِ التَّلاَقِي   
وَضِعْتُ مَابَيْنَ السَّوَادِ  وَالبَياَضِ
         وَاحْتَرَقْتُ شَغَفاً مِنْ لَظَى أَشْوَاقِي              
حَوْرَاءَ كَحَدِّ سَهْمٍ يَبْغِي الانْقِضَاضْ 
           وَبُرْكَانُ سِحْرٍ تَفَجَّرَمِنَ الأَحْدَاقِ
رَمَقَتْنِي بِحَدٍّ لَيْسَ لَهُ اعْتِرَاضٌ
         غَيْرَ طَّاعَتِي العَمْياَء وَذُلَّ الانْسِيَاقِ
قِبْطِيَّةً  مِنْ زِحَامْ الاكْتِظاظ رَأَيْتُها                                                                                                                             ------فِي خَانْ الخَلْيلِي عِنْدَ سُوقْ الرِّوَاقِ        رَمَقْتُهاَ صُدْفَةً فَمَرِضْتُ بِلاَ أَعْرَاضٍ
     وَنَسِيتُ مَنْ مَعِي مِنْ خِلَّتِي وَرِفَاقِي
وَضَمِأْتُ كَأَنَّمَا أَدْرَكَنِي المَخَاضُ
    وَذُهِلْتُ وَلَمْ يَبْقَ فِي قَوْسِ الصَّبْرِ بَاقِ
كَلَّمَتْنِي بِأَدَبٍ وَلَمْ تُبْدِ امْتِعَاضْ
       فَازْدَادَ تْ فِي وَجْهِهَا بُهْرَةُ الاشْرَاقِ
وَتَوَارَتْ مَيْساً كَزَهْرَةٍ فِي رِيَاضِ
 لِتَطْبَعَ فِي رُبَى وِجْدَانِي  لَحْظَةَ الفِرَاقِ...

  -سمير بن التبريزي الحفصاوي🇹🇳

((بقلمي))✏️ 

ليست هناك تعليقات: