الثلاثاء، 7 أكتوبر 2025

نص نثري تحت عنوان{{ظل يراقب حريتي}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


ظل يراقب حريتي***
............................

لِمَ توقّف هنا؟
ماذا يريد مني؟
بعد كل ما حصل، لماذا يصرّ أن يضع قدماً في عالمي؟

هيا… اصعدي.

كالرصاص، تخترق كلماته أذني،
صوت معدنيّ آمر،
تلته معزوفة شتائمٍ باردة.

هذا التسلّط المقيت… كم أكرهه.
وهذا الزعيق الذي يسبق الفضائح…
حين يضغط الخوف على كتفي،
أشعر أني أجرّ ظلي لا جسدي.

أدخل السيارة،
لكن مع كل خطوة يزهر عنادٌ خفي،
وصوت قلبي يصرخ:
«أنا لم أعد ملكك.»

الطريق معركة صامتة.
لكل منعطف صرخة،
لكل ضربة مكابح ذاكرة ألمٍ قديم.

يسألني:
لماذا تمشين هكذا؟
لا تتحدثي مع الرجال…
هذا اللباس لا يليق بك…

أصرخ داخليًا:
«حرة، أنا حرة!
الطلاق حدث لأنك متسلّط وأناني،
ولأن أمك تشبهك أكثر مما يشبهك قلبي.»

يزيد السرعة…
يدوس على الفرامل…
الهواء يصفع رأسي بعنف.

لا أميّز بين الريح ونوبة الصرع،
كل شيء يتمايل،
حقيبتي ترتجف،
وذاكرتي تشتعل كشرارة بين جدارٍ وجدار.

أئنّ بصوتٍ متقطّع،
كمن يستحضر لحظةً سال فيها الرأس على الحائط.

يقترب من بوابة المدرسة…
يضبط السيارة، لا نفسه،
كل حركة له فرضٌ جديد،
وكل كلمة صدًى لسلطةٍ بلا قيمة.

أفتح الباب… كمن يفرّ من حريق.

أطفالي يركضون نحوي،
تتفجّر أصواتهم بموجات فرحٍ نقية،
وحين تنهال دموعي بلا تحكّم،
أحتضنهم بكل ما في القلب من قلب.

تتشبّث أياديهم الصغيرة بي،
تختلط أنفاسهم بأنفاسي،
ضحكاتهم تشتّت غضبي،
وابتساماتهم تعيدني امرأةً من ضوء وهواء.

أما هو…
فثابتٌ في مقعده،
يحاول أن يستعيد مملكته المفقودة بعبوسٍ لا يقنع أحدًا.

مجرد ظلٍّ يراقب طيف حريّتي الذي لا يُمسك.

وأنا بين أطفالي، أصرخ… أضحك… أبكي من فرط الانعتاق.
كأنني أعود امرأةً للمرة الأولى.

✍️ محمد الحسيني ــ لبنان

 

ليست هناك تعليقات: