"في عتمة الحافلة"
سلسلة قصصية
بقلم :
تيسيرالمغاصبه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
قرين
-١٢-
كنت في تلك اللحظة بحاجة إلى من تجلس إلى جانبي، إنسانة حقيقية، لا آلية ، قلب حقيقي..لاإلكتروني، فقد كنت أشعر بالقلق والوحدة مع إشتداد آلامي الصدرية، كذلك شعرت ؛بل تأكدت من صدق مشاعرها نحوي، فقلت لها:
-جمانه..أنا بحاجة إليك الأن...أنا..؟
-ألو ..مابك ياعزيزي.
-ج ..جمانه..؟
-أنا قادمة إليك.
خلال دقائق كانت جمانه إلى جانب سريري تمسح بيدها الرقيقة على شعري وتبلل وجهي بدموعها.
سارع توني في الاتصال بطبيبي وللصدفة كان البروفيسور موجود أيضا وحضرا معا بسرعة.
بعد وصولهما مع الطاقم الطبي والأجهزة الطبية المناسبة، من المنزل إتصل الطبيب بثريا ليخبرها عن تدهور حالتي الصحية وأن وضعي الصحي قد أصبح حرجا جدا.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بينما كانت جمانه تحتضن يدي اليمنى ،وثريا كانت تحتضن يدي اليسرى،وقد إختلطت دموعهن؛ دموع الزوجة القاسية ،المهملة لزوجها،ودموع الحبيبة الرقيقة.
أما حنان فكانت تضع رأسها على صدري تستمع إلى نبضات قلبي مندهشة وتردد:
-أن قلبك ليس على مايرام ياعزيزي..أنت بحاجة إلى طبيب ؟
كان ..أنا الطفل يقف أمامي ينظر إلي والابتسامة الحانية المطمئنة لاتفارقه كما وأنه يريد أن يخبرني بأنه لايزال إلى جانبي.
وكان آخر ما سمعته من كلام ،أن ثريا قالت وهي تجهش بالبكاء بحرقة:
-ياإللهي ماذا فعلت بك ياعزيزي ..أنا السبب في كل ماجرى لك .. لقد قسوت عليك ؟
ثم قالت ترجو الطبيب :
أرجو نقله إلى المستشفى بأسرع وقت يادكتور؟
لكن البروفيسور هز رأسه أسفا وقال:
-لن نستطيع فعل أي شيء له..لقد فات الأوان ياسيدتي؟
-أرجو أن تقل كلاما أخر يادكتور.
- مع الأسف الشديد أن هذه هي الحقيقة .
كنت أشعر كما وأني أسقط في بئر عميق الغور ..بئر لاقرار له ،وأن جسدي أصبح خفيف جدا بخفة الريشة ،
فبدأت أشعر بما يشبه الاختناق ،
ثم رأيت نفسي محلقا في الغرفة ..ولم أعد أشعر بأي ألم بعد ذلك.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
قال أنا؛ الطفل :
-عودة ميمونة ياعزيزي؟
كنت في الحافلة التي لاتزال في عمان ،فشعرت كما وأني أفقت من قيلولة صيف قصيرة ،وكانت لاتزال روحي جالسة إلى جانبي بثيابها البيضاء، فتذكرت حين ذلك بأني مسافر على متن حافلة إلى مدينة العقبة،قلت :
-ماذا حدث لي بعد ذلك ياعزيزي ياأنا؟
-بالطبع خرجت روحك من ذلك الجسد الجميل لتنتقل فيما بعد إلى جسد آخر..وآخر وهكذا.
-وجمانه؟
-جمانه وثريا وتوني وغيرهم ،جميعهم لم يولدوا بعد ؟
-وحنان .
-هههههههه أيضا لم تصنع بعد؟
-ياإللهي..حقا أنه مستقبل رهيب ،ليتني لم أذهب أبدا إلى هناك.
-ألم أقل لك ياعزيزي ،أن الأفضل لك البقاء حيث أنت .. في الحاضر مهما كان ذلك الحاضر كئيبا ؟
-والآن.
-الآن أريد أن أسألك إن كنت ترغب برحلة أخرى إلى مستقبل أبعد ؟
-لا لا أرجوك ،لقد إكتفيت من تلك الرحلة.
-حسنا كما تشاء، الآن لن تراني مجددا ،لقد آن الأوان لنلتحم معا ..لتصبح الروح في جسد واحد ؟
- سأفتقدك كثيرا يا طفولتي ..وستنتهي متعتي في تأملك والتحدث إليك
.. أتمنى أن أراك دائما وفي كل لحظة .. سأشتاق كثيرا إلى رؤيتك ياأجمل ذكرياتي.
-قد تراني ،من يعلم..والآن أستودعك الله ..رحلة موفقة؟
ثم إخترق جسدي.
نظرت من النافذة ،فكانت الحافلة لاتزال في عمان ،تأملت شوارعها الجميلة وأشجارها الخضراء ،فنهضت من مقعدي وانزلت حقيبتي من الرف وتوجهت إلى قائد الحافلة وقلت له:
-من فضلك أريد النزول ؟
قال بدهشة :
-ولماذا؟
-لم أعد أريد الذهاب إلى العقبة .
-كما تشاء ؟
توقفت الحافلة إلى جانب الطريق ونزلت منها ،فأغلقت باب حكاياتي معها، وإنطلقت الحافلة متابعة طريقها من دوني.
فبدأت أمشي في شوارع عمان عائدا دون ملل أوكلل،بل وكنت أتمنى أن تطول الطريق وأنا أرى بعض وريقات الأشجار الصفراء تتدحرج أمامي مصاحبة لنسمات منعشة معلنة قدوم الخريف.
" تمت القصة "
(وهكذا تنتهي سلسلة في عتمة الحافلة كاملة )
أرجو أن تكون قد نالت إعجابكم
تيسيرالمغاصبه

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق