بين انتهاء عام وبداية آخر..أرى في هذا الوجود.. عالم مرسوم على هيئة واحات من أفق مسحور .
أفق يسير مابين تراتيل المعجزات لمقادير البشرية
العطوف على مهج الراحلين.
مابين الكائن المكنون في صدور العائمين فوق
برازخ نور تلاقت في أحضان بلورة الأمكنة التي سكنت البحر لكي تتعافى من حمم أرض تملكها الظمأ.
أساطير مكتوبة على خاصرة ذكريات الأزمنة ...ألوان شتتها فكر التأمل.. وأغرقها التدبر في خلواتها.. لتكن للصمت رفيقا ..لتكن للشرود طريقا..
يستسلم لك البوح ...فيرافق أحلامك المرموقة.. المرقومة..المصقولة على وجنات حرير الهمس.
عطش البحر وأرتويت أنا ...وكأنني أنا والبحر توأمان نتجاذب ..نتعاكس نتشاكس ..نلهو ..نغفو على عمق التمني...
ندير أشرعة الماء حول غفوتنا ... نتقاسم المدّ والجزر...نخيط الرمال حول جسدينا ...ثياب نصفها يحنو ..ونصفها الأخر يرمي بنا نحو موجات التجرد
من كل شيء أودعناه في خابية الذكريات.
أي الطقوس تلك التي تواعدنا على أن نحياها ونقيمها في أعياد مولدنا .. وأي شموع عذراء سنشعلها حول مائدة رقصاتنا إبتهاجا بالعام الجديد...وأي ثياب الهمسات سنلبسها لشفاهنا.
أيها البحر الظامئ ... لاتلمني على ذنب إحتسائي لزلال ماء الإرتواء.. فأنا مخلوق في جوفة كبد رطبة
إن جفت معالمها أصبح حالي حال رمالك المبعثرة على شواطئ الحرمان.
أعلم عطشك.. أعلم حاجتك للارتواء .. لكن ياسيد غرقي .. دعنا نقف عند فواصل الحاجة ...دعنا نعيد ترتيب مابعثرته الأيام في خلوات وفاقنا. دعنا نقيس عمق الصبر والتحمل فينا..
فأنت تملك كل مساحات الغرق .. تمتد طوعا إلى صدور الجزر دون قيود ... تعودت على عناق الملح لاحشائك.. تجانست مع أبخرة ماؤك .. أعتنقت سبل العيش على شواطئ الحرمان.
أَما أنا ..وما حالي أنا ..دون أن يتجرع قلبي قبل ثغري قطرات من ماء التمني ... دون أن أرسم ثغر الكأس على أوردة عطشي.
معادلة ما بين الحاجة والاحتياج ... مابين الراغب والمرغوب... مابين تقاسيم وحدتنا ...في أحضان توحدنا ...واغتراب بضع سنين من العمر فصلتها الأيام عن حاضرنا .
لكن الواقع يتحدث عنا ... يبقي على جذوات أشواقنا .. وينعش الذكريات بكل طيف فعل مررنا به.
فما زال صوتي باق في حقائب عمقك تتغنى به أصداؤك ..وصورة وجهي عائمة فوق زرقة مياهك تداعبها أمواجك .
ومازلت أنت أمواج عشق تثور في سكون الكون .. تغرق شطآن قلبي بفيض أوردتي ...وتلقي رمالك الذهبية على سواحل أفكاري.
أيها الظامئ دعنا نقف هنا.. فلقد أطلنا الحديث ..وأرهقنا بصرنا باللهاث والجري خلف الحروف..فلقد ظمئنا نحن وكل العيون التي ترقبنا ..نعم لقد ظمئنا من جديد....
محمد العطار..
مصر.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق