القصة القصيرة
قصة واقعية
تتناول قضية موجودة على ارض الواقع
تحاكي الأخطاء الأجتماعية التي تنعكس بالسلب على الفرد والمجتمع في آن واحد
مما ينعكس على العلاقات للأسرية التي هي نواة المجتمع واللبنة الاولى في تكوينه .
دموع وداع
سلمى .. ؟
سيدة فاضلة وكأنها لم تخلق من تراب
ولدت في عشرينيات القرن الماضي .
زرعت الود قبل الورد في كل الأقاحي
تزوجت منذ نعومة الأظفار من قريب
لها .
كانت كالفراشة تنتقل من زهرة لزهرة
في حقل زهور الحياة .
لكن فرحتها لم تكتمل لم يمن عليها الله
بالذرية .
وبعد خمسة عشر عام من زواجه أكد
الأطباء بعدم تمكنها من أن تحمل هي
عيقمة .
هذا الأمر كان له وقع كبير عليها وكأن خنجرآ طعنها في قلبها الملآئكي .
بعد طول تفكير قررت تزويج زوجها
ليتمكن من أن ينجب من يحمل أسمه
رفض الزوج قرارها وأصر على موقفه
وبعد محاولات وطول عناء أقتنع الزوج
وبالفعل تم لها ماخططت له .
وردآ لجميلها قرر الزوج أن يكرمها ويسر
قلبها .
وعدها بأن أول مولود تنجبه زوجته
الثانية سيكون لها .
تطيرت سلمى بسماع هذا القرار ودخلت
معه في عالم الأحلام .
زف زوج سلمى لها خبر حمل زوجته
الثانية بعد عرضها على الطبيبة المختصة
تسعة أشهر مدة الحمل لكنها على سلمى
تسعة دهور وذلك الحمل بات يحمل معه
حلمها الحبيس في الأفق البعيد .
وكان المخاض وتمت الولادة صبي كان
كل أحلام تلك السيدة الحنون
وسام طفل الأحلام حمله والده على
راحتيه ملفوفآ بقطعة قماش وكأنه
هدية قد لفت بعناية ليقدمها
وأتجه بإتجاهها فاضت عيناها بالدمع
وتسارع نبضها إشتياقآ ورهبة للحظة
المرتقبة .
فتحت يديها والوالد وقف أمامها ينظر
لعينيها الملهوفة .
ها أنا ذا أبر بوعدي الذي وعدتك إياه
هذا هو إبنك ( وسام ) .
إرتعشت يداها وتمرد الدمع وحطم حاجز
الأجفان ليهطل كالغيث من غيمة مثقلة
بالأحمال .
أخذته بين أحظانها وضمته لصدرها لتطبع
تفاصليه على أضلاعها ، حلمي بات حقيقة
وسام تنعش أنفاسه أنفسي وصرخاته كأنها
موسيقى تطرب أذني .
حملته معها .. لتسكن في منزل لها صغير
تاركة منزل زوجها وأم وسام الحقيقي .
أنا الأن قد إكتملت علي نعم ربي الرحمن
كان سلوتها وفرحة عمرها ومرت الأعوام بوجوده معها وكأنها ثوان .
حدث سلمى وسام الصغير .. ؟
الأن سأحقق كل ماحلمت فيه منذ كنت
نطفة في رحم أمك .
هل لاسمعتني وفهمت ماسأقوله لك .. ؟
أنا .. أعلم بأنك صغير ولكنك ستفهمني .. ؟
حلمت بأشياء كثيرة .. ؟
أني أرضعك وأحميك وأغير لك ثيابك المتسخة .. !
حلمت بأني أحدثك طوال ليلي ونهاري
وستكبر بأذن الله وأزفك لعروسك
حلمت وحلمت .. آه لو تعلم مامكانتك عندي وكم هو مهم وجودك في حياتي
أشتد عود وسام اليوم هو شاب بعد أن
كان بالأمس قطعة لحم وحلم طال إنتظاره .
عاشت أجمل أيام عمرها كانوا لايفترقان
يضحكان معآ ويأكلان كانوا شركاء في كل شيء .
كانت البلاد تمر بمرب ضروس بكل ماتعنيه
الكلمة .
وسام تم تسويقه لأداء الخدمة الألزامية
كان تاريخ دخول وسام الجيش .. ؟
تاريخ وفاة سلمى .. !
أرتدى بزته العسكرية وحانت لحظة الوداع
وسام سايلتحق للجبهة .. ؟
كانت الحرب الإيرانية العراقية مطحنة
لشباب البلدين .
أقبل وسام ليودع والدته المتوقف نبضها
قبل أن يغادر حظنها .
إرتمت بين أحظانه وبكت بدل الدمع دما
يابني بالأمس كنت بين يدي قطعة لحم
واليوم أنت شاب مكتمل البنيان .
ومابين ولادتك وإرتدائك بزتك العسكرية
تاريخ ولادتي ورحيلي .. !
رجوت الأقدار لتكن سندآ لي في حياتي
وخير مودعآ بعد مماتي .. !
أرجوك لاتخذليني عد سالمآ لأجلي .. !
أنا .. أمك وسأنتظرك في كل لحظة والدمع
لن يفارق عيني .. !
عاهدي على البقاء سالمآ وعد لي .. !
قبلها من جبهتها وقطع لها العهد الذي طلبت
وودعها والحزن كان ديدن الحظة .
وسام عاد وأنهى مدة خدمته بسلامة
وجاء ذلك اليوم الذي لم تحسب له سلمى حساب .. ؟
وسام يريد الزواج .. ؟
كان وقع الخبر عليها وكأنها صاعقة قد ضربتها وحرقت قلبها .
شريكة المستقبل وهذا جل ماتخشاه .. ؟
لم تبدي مخاوفها لوسام .. ؟
لأنها رأت الفرحة في عينيه ، كتمت حزنها
وألمها وحبست دموعها بداخل المقل .. !
لكن وسام كان يقرأ مابداخلها من عيناها
الحائرتان .. وقرر أن يمنحها الأمان .. ؟
خرج من منزله بعد أن إستأذنها ليعود بعد
ساعة ومعه شابة رائعة فائقة الجمال
ودخل عليها فكانت الصدمة .. ؟
بادرة الأم الحائرة من دون أي تفكير من
هذه الفتاة ياوسام .. ؟
أجابها .. مبتسمآ .. ؟
هي .. شريكتك بي ياأماه .. !
صمتت الأم .. وكأن فقدت القدرة على الكلام .
وعادت بذاكرتها للوراء .. !
وسام بين يدي يصرخ مخضب بدماء المخاض ، وكبر أمامي ناظري كبذرة
غرستها ونبتت لتصبح زهرة عطرة
مفتوحة الأوراق .. !
واليوم يقتل حلمي بشريكة ستحصد
مازرعت طوال عمري .. سأقاوم ول
أستسلم ببساطة .
جلس الثلاثة وبدأت مرحلة جس النبض
وبعد أن تبادلو الحوار شعرت الأم ببعض
الأمن والأمان من تلك الشريكة
باركت لهما زواجهما وعلامات الرضا كانت
واضحة على محياها
بالفعل تزوج وسام من شابة رائعة .. ؟
أستطاعت زوجة أن تكسب ود سلمى
الحائرة وتمكنت من تفوز بقلبها
ليشكلو فريقآ رائع وأسرة ناجحة بكل
ماتعنيه الكلمة .
قالت .. سلمى لهما .. ؟
أتدرون ماهو حلمي .. ؟
لم يتفوه الإثنان بكلمة واحدة .. !
قالت .. سأخبركما .. ؟
وقبل أن أخبركما عن حلمي سأحدثكما عن مخاوفي .. ؟
كنت خائفة من وحدتي وغربتي في دنياي ومن نهايتي التي كانت تؤرقني
من سيواريني الثرى بعد رحيلي .
وكان وسام نقطة تحول كبيرة في حياتي
يوم وضع في أحظاني لأول مرة .. ؟
أشرقت الشمس من مشرق روحي لتعلن
مولد فجري الذي إنتظرته طوال عمري
وعدت لأحزاني يوم قررت أن تتزوج خوفآ
من من ستشاركني بحلم ضحية من أجله
بكل عمري .
ياولدي .. ؟
أس أحلامي أن أرحل بسلام وأن تضعني بقبري بيديك ليبقى عطرك عالقآ بكفني في
رحلتي الطويلة .
ساد جوآ من الحزن وأرتمى وسام وزوجته
في أحظان سلمى وبكى الثلاثة بحرقة
تقادمت الأعوام وتعاظمت المسؤوليات
على الابن البار وزوجته أولاد وبنات
والوالدة تشيخ بصمت وتسرقها الأيام من
بين العائلة .
اصيبت الأم بجلطة دماغية شلت جسدها
طوليآ ورقدت في فراشها أربعة أعوام
ولعبت زوجة وسام دور محوريآ في حياة
سلمى .
رعتها وقامت بواجبها على أكمل وجه
وحانت لحظة الحقيقة .. ؟
سلمى .. بدأت تشعر بأنها سترحل وهذه
هي ليلتها الأخيرة .
وسام نهض منذ الصباح ليخرج لعمله وشد
إنتباهه عدم تواجد زوجته ....؟
بحث عنها فوجدها تجلس بقرب والدته
سألها .. ؟
مالذي تفعلينه ياأمراة .. ؟
لم تجبه ونظرت لوالدته .. ؟
أقترب من سريرها ببطئ .. ؟
مابالك ياأماه ماذا بك .. ؟
لم تجبه ومدت يدها المرتعشة لتمسك بيد
وسام المذهول .. ؟
وسحبتها لشفتيها وقبلتها بحنين وإشتياق
كبير والدمع سأل من عينيها الخائفتين وقالت له بصوت مرتجف .. ؟
حانت لحظة الوداع ياولدي وحلمي الذي راودني طوال حياتي سيتحقق على يديك
بهت وسام مما سمعه .. !
وأجابها لا ياأماه هي وعكة وستتجاوزينها
وسنكمل المشوار معآ .
لاتبكي ياأماه لن يصيبك مكروه لاتخافي
وتماسكي . أنا أعرفك قوية .. !
ساذهب لعملي لأخذ أجازة وأعود مسرعا
خرج وسام من منزله وبالفعل وصل عمله
وأخذ أجازة وعاد ليجد الأم قد رحلت
ودمع عينيها قد سال على وسادها .
حقق لها وسام حلم حياتها .. !
كان أخر من لمس جسدها في قبرها
وعاد ليكمل طريقه مع زوجته واولاده
لكن غصة كانت قد زرعت في قلبه وستلازمه لأخر العمر .
رحلت سلمى بصمت وبدموع خائفة .. لكنها
تركت بصمتها في الحياة .. ؟
نسخة طبق الأصل منا عانته في حياتها
بوجود .. سلمى في حياة وسام .. ؟
شيد سور عظيم كسور الصين الكبير
بينه وبين والدته الحقيقية وأشقائه
ليكون النسخة التي أستنسختها الأقدار
لتستمر المعانات بعد رحيلها .
دموع وداع
تمت
الكاتب
جاسم الشهواني
العراق
إ