الجمعة، 17 أكتوبر 2025

قصيدة تحت عنوان{{أتى الطّاعون}} بقلم الشاعر المغربي القدير الأستاذ{{محمد الدبلي الفاطمي}}


 

أتى الطّاعون

نبحتُ مع الكلابِ على الذّئابِ
فهاجمني الكثــيرُ من الذّبابِ
بحثتُ عن المُـــــبيدِ فلمْ أجدْهُ
وحار الذّهنُ في هذا المُصابِ
وكان عليَّ أن أجدَ انفــــراجاً
لأنّ الغزو جاءَ مع الضّـــباب
شكيتُ إلى ابْنِ آوى سوءََ حالي
وقد قرأ التّـــظلّم في الكتابِ
وأخـــــــــبرني بأنّ العدلَ آتٍ
إذا منحوا القضاءَ إلى الغرابِ

دفنتُ النّفسَ في الأدغال لمّا
تعطّل مَنـــــــــطقي فقهاً وفهْما
وجدتُ بأنّني بشرٌ ضــعيفٌ
وأنّ الجــــــــسمَ كان دَماً ولحْـما
فكيفَ سأستطيعُ كفاح عدوىً
سينشرُها الذّبابُ أذىً وظُــــلما
ستفعلُ ما تشاءُ بمن تعادي
وترجُمُ بالوباءِ النّاسَ رجْــــــــما
وعند بلوغنا سقْف التّردّي
سنصـــــــــبحُ عندَها أجلاً مُسمّى

أتى الطّاعونُ فانتشر الجنونُ
وأُوصِدَتِ المـــــسامعُ والعيونُ
وشاءَ النّاسُ أنْ يلدوا كثيراً
ومن جُهلائهمْ بدأ المُــجونُ
تربّعَ فُحشُهم فوقَ القضايا
وفي أعقابــــــهم سارَ البنونُ
فنادى من مساجدنا المُنادي
وقدْ مُلئتْ بأمّتنا السّـــجونُ
فكان جوابُ من حكموا بلادي
أتى الطّاعون يصحبُه الجنونُ

أروني في بلادِ المــــــسلمينا
عدالة من أداروا الحُكْــمَ فينا
ألم تر كيفَ أصـــــبحْنا رقيقاً
نقبّلُ في الأيادي راكِعـــــــينا
كأنّ رُؤوسنا انفصلت علينا
أمام الحاكمينا الظّــــــــــــالمينا
فهل حُدّثْتَ عنْ أيتامِ عَصْرٍ
تجسّدَ ضُعفهمْ في المــــسلمينا
يُحاربُ بعضُهم بعضاً بعنفٍ
تجاوزَ في الوحوشِ المُرْعبينا

يُهمّشُ في مواطننا الرّجالُ
وينتــــخَبُ النّواطرُ والبغالُ
كأنّ بلادنا انقلبتْ علــــينا
فساءَ الحالُ واخـــــــتنقَ السّؤالُ
وفي الغابِ الوحوشُ قدِ استبدّتْ
فكان وراءَ سطوتها الوبالُ
وَولوَلتِ البهائمُ في بلادي
مــــخافةَ أنْ يُداهمها الزّوالُ
وما الطّاعون إلاّ داءُ سلٍّ
سيخْـــــــنُقنا بنكستهِ السّعالُ

تحرّكْ فالحراكُ لنا قدرْ
لنصبحَ في الشّـــــعوبِ من البشرْ
تحرّكْ كيْ نحرّرَ ما تبقّى
ومن رفضَ الحراكَ فقد كــــفرْ
وعلّمْ ما استطعتَ لعلّ يوماً
سيولدُ في مواطننا القــــــمرْ
فنشأةُ مطلعِ القـمرِ الهلالُ
ونور الشّمسِ يولدُ في السّــحرْ
وما استحْـــمارُنا للنّاسِ جهلٌ
ولا التّحــــقيرُ في وطني قدرْ

شقاءُ النّاسِ مصدرهُ الوجلْ
وحتفُ الخلقِ يحـــكمُه الأجلْ
نخافُ منَ الوفاةِ ونحنُ مَوْتى
ونطمعُ في الوصولِ بلا عملْ
نرى الأقوامَ تجتهدُ اجتهاداً
وتصنعُ ما تـــــــشاءُ من الأملْ
ونلهثُ نحنُ خلفَ الجِنسِ ليلاً
وفي وسط النّهار على عجلْ
كأنّ جُسومنا غلبــــــتْ علينا
فوجّهتِ الورى صوْب الحِيَلْ

محمد الدبلي الفاطمي

ليست هناك تعليقات: