مـــجهُــــــولــة الهُــــويـــة
طــفْلـة ســورية نُودِّعها
بدموع العين أنْـــعَاها
ترقد في سَكينة
فسيح القبر مأواها
كُتب على لوْحة شَاهِدِها
مجْهولةُ الهوية ...وجدناها
( كنزة خضراء ) ملْبسُها
هكذا كُتبتْ هويِّتُها
لعلَّ أحد بالوصف يعْرِفُها
لا خال و لا عم ودَّعها
و لا من بكَى عليها و رَثَاها
لا الأمُّ للصَّدر ضمَّتها
و لا ذَرفتْ من الدَّمع
ما يُطفئ لَظاها
ما قبَّلت في حنوٍّ وجنتها
و لا مسحت (كنزتها )
من غُبار كَثِيف غطَّاها
هي من الْبستْها
و سرَّحتْ شعْرها
بيديها ترعَاها
و لا أبٌ حمَل جسَدها
نحو القبر يُلحِدُها
و لا في التُّرابَ واراها
ما تلقَّى فيها تعْزية
و لا عَرف مثْواها
فاضتْ روحُها وحِيدَة
فارقَتْ دُنْياها
تركت لُعبًا و دُمْيتَها
التي كانت تهْواها
و قِصَّة بجَانبِها
لا زالت تقْرؤُها
ما ودَّعت أحَدا من الأهل
و لا أحدٌ مِنهم رآها
تحت الرُّكام عالِقَة
تُصارع في الظَّلام بقَاءَها
سنَّة الله في خلْقه
غرِيزَة الحَياةِ قوَّاها
إمتدَّت يدُ المَنُون نحْوها
مأمُورة
لا تخْتار ضَحَاياها
ما كان الزِّلْزالُ قاتِلها
لكنه سبَبٌ أفناها
بل الأجلُ المحْتومُ وافَاها
فكمْ من سَليم
على فراش الحَرِيرِ يحْتضُر
و تحت الرُّكَام وُلدت طفْلة
سبْحان من نجَّاها
تَوفَّى الأم و أحْيَاها
يُصرِّف القَديرُ شُؤُون خلْقه
لا نفْقَهُ حِكمَتهُ و لا مَغْزاها
وحْده يعلَم أمْر مُلْكه
فوق الأرض و تحْتها
و في السَّماء و عُلاها
فيا رب ارحمْ أرواحًا
انت خالِقُها و موْلاها
و صبِّر اللّهم قُلوبا
فقدت أحِبَّة
بين عشِيَّة و ضُحاها
و أرْعى برحمتك أطْفالا
غيَّب الموْت من كان يرْعاهُم
أنت الرؤوف الرَّحيم بعِباده
من غيْرك يخفِّف مُبْتلاهُم
و لك الحمد في كلِّ نَائِبة
لا يُحمد على مكْروه سِوَاك
في كل أمْركَ له حِكْمة
لن يبْلُغ عِلمُنا مُسْتواها
فأرْحم يا رب ضَعْفَنا
و قوِّي إيمَاننَا حتى نلْقَاك
أدْخِلنا جنَّاتِ الفرْدوْس
بعفْوِكَ و كَرمِك و رِضَاك.
الشاعر الحبيب كعـــرود
تــــــونــــــس 23/03/03
