تخلّفَ رَكْبُنا
تأمّلْ حالَ مدرســـةِ النّجاحِ
وقلْ لي:هل سنــــفْرحُ بالفلاحِ
وكيف سنرتقي وسط اكتظاظٍ
تلوّث بالضّــــجيجِ وبالصّياحِ
تخلّف ركْبــنا في كلّ حقلٍ
فزاد الغــــشُّ في عُمقِ الجِراحِ
نعلّمُ نسْلنا شططاً وحـــــيْفاً
ونبدعُ في العراكِ وفي النّــــطاحِ
وأقبحُ ما ارْتكــــبنا في بلادي
تجسّدَ في التّلاعبِ بالنّـــــجاحِ
أنا المجنون في أرض الغضبْ
فقدت الأهل فانتحر النّـسـبْ
أفتّش في بلادي عن لسان
به الفرقان علّمـــــني الأدبْ
وأسأل في الصّباح وفي المساء
لماذا نحن نهبط في الرّتــبْ
فما وجد السّـــؤال لنا جوابا
ولا انتفض المــــثقّف في النّخبْ
فهل حدّثت عن وطن يتيم
تلاحقه المـصائب والكــــربْ
دعوني أستريحُ إلى جنوني
وأغمض أعيني خلف الجـــفونِ
سئمت من التّحمّل في بلادي
وضاق الصّدرُ فانهمرت ظنــــــوني
ومن كأسي شربتُ العيش مرّاً
وخطوي سالكٌ سُبلَ الجـــــنونِ
ومن قلمي سكبت الدّمع حبرا
فزاد تعاستي ســخطُ المـــــجونِ
وأشربُ إنْ وردتُ الماءَ غمّــــاً
بفعل تســلّطٍ أدْمى عُيوني
غدا سنرى إذا انقشع الغــــبارُ
بأنّ الشرّ أنبـــــته الكــبارُ
وأضحى اللّيلُ في وطني عقاباً
كأنّ اللّيل ليــــــسَ له نهارُ
دعوتك يا شبابَ فلم تُجبْني
وكيف ستهــــتدي والجهلُ عارُ
أجبني يا شبابُ فأنتَ حُلمي
وأنت مُحَـــــــرّري ولك اقتدارُ
ولستُ بتاركٍ وطني أسيراً
إلى أنْ يكْسرَ القـــــيدَ الصّغارُ
سأصْرخُ بالصّريحِ منَ المعاني
وأنتزعُ الشّــــــــهامةَ من لســاني
وتحملــــني إلى الإبداع أمٌّ
مواهبُها تُعـــــشّشُ في كِيــاني
يقولُ لنا الضّباعُ غداً سنرْقى
وقد رحلَ الزّمانُ من المـــكانِ
ولوْ علمَ الرّعاعُ متى سنَصْحوا
لفــــرّوا قبل زلْزلــتِ الأوانِ
ولكنّ الصّـــــباحَ لنا قريبٌ
إذا ما الحــرفُ هاجمَ بالبـــــيانِ
تعلّم كيْ تكونَ من البـــشرْ
فإنّ الغشّ أفقــــدنا البــــصرْ
وإنْ تجْمدْ فليسَ لك انعتاقٌ
كأنّكَ في الطّـــــــريقِ إلى سَقرْ
سيَحلُبكَ الذّئابُ متى أرادوا
وتُسْـحل كــــيْ تظلّ بلا خــبرْ
تعلّمْ ما اسْتطعتَ بكلّ عزمٍ
فإنّ العـــــلمَ أفضلُ للبــــشرْ
ولو علمَ العـــبادُ لكانَ خيراً
تباركَ بالقـــــــضاءِ وبالقدرْ
تعلّم فالتّعــــــلّمُ بالقلمْ
به الرّحـــــمانُ علّمنا القيمْ
ألمْ ترَ أنّ أهلَ الغرْبِ أضْحوا
عباقرةَ المــــــــــــــعارفِ في الأممْ
أشاعوا العدلَ بين النّاسِ حُكماً
فســـــادوا في العوالمِ بالحكمْ
ومن إبداعهمْ صنعوا المعالي
كما اخترعوا الــــــــــجديدَ من القِدمْ
كأنّ عقولهم في العلم شاختْ
وأنّ عقولنا أمســــــت عــدمْ
نسمّي أهلنا بالمسلمينا
وننهبُ بعضنا نـــــــهباً مُشــينا
ترانا ساجدين بلا خشوعٍ
ونبطشُ بالضّــــــــعافِ مُقَـــنّعينا
يُهـــــدّدنا ويوعدنا قُرودٌ
أتوا لبلادنا مُسْــــتوْطنيـــــنا
كأنّ شعوبنا أقنانُ عصرٍ
تربّوا في بيوتِ الجــــاهلــــــــــينا
وإنّ الذّلّ في الأوطان عارٌ
سنصبحُ في الحـــــياةِ لهُ طَحــينا
محمد الدبلي الفاطمي