قَـلْـبَ الْـبُــيُـــوتِ وَ غَــنُّــواْ
( البحر الكامل )
شعر : مـحـمـد رحـيـمـي لـفـسـيـسـي
(من المغرب)
مَا زِلْتَ في الْـحَـجْـرِ الطَّـوِيلِ تَـئِـنُّ
وَ إِلَى الـتَّــجَـوُّلِ وَ الرِّفَــاقِ تَـحِـنُّ
مِثـْلِي وَ مِثْلَ الْـعَـالَـمِـيـنَ فَـإِنِّــنِي
دَارٍ بِـمَـا أَخْـفَى الْجَـمِـيـعُ وَ كَـنُّـواْ
قِمَمُ الـرُّبَـى عِنْدَ الْـعَـنَــادِلِ جَـنَّـةٌ
وَ الْـمَكْثُ فِي الْقَفَصِ المُعَـلَّقِ سِجْنُ
مَهْمَا يَكُنْ تَحْسِبْـهُ نَفْـسُـكَ نِـقْـمَـةً
فَالنَّـفْـسُ لَيْسَ لَهَـا كَـعَـقْـلِكَ شَـأْنُ
أَرَأَيْتَ مَا يَجْـرِي ؟ أَتَسْمَعُ مَا جَرَى ؟
جـَهْـراً نَـوَاقِـيـسُ الْـمَخَـاطِـرِ رَنُّـواْ
فَـكَـأَنَّمَـا إِنْـسٌ مِنَ المُـدُنِ اخْتَـفَـواْ
وَ يَـطُـوفُ فِي كُـلِّ الشَّــوَارِعِ جِـنُّ
عِدْنـي بِمِصْفَـاةٍ لِنَـفْـسِـكَ تَـشْـتَرِي
إِنْ مَـاءُ شُـرْبِـكَ فِي الْجَدَاوِلِ أَجْـنُ
مِنْ حَـنْـظَـلٍ يَسْـتَـخْـرِجُـونَ حـلاَوَةً
إِنْ لَمْ يَـلُـمَّ سِوَى الْحَـنَاظـِلِ جُـرْنُ
أَهْلُ النُّـهَى ، وَ أَرَاكَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى
أَهْـلُ النُّهَى أَنـتُـمْ وَ هُـنَّ وَ نَـحْـنُ
فِي الدُّورِ أَغْـلَـقْـنَا الـرِّتَـاجَ وَرَاءَنَــا
كَالـشَّهْرِ عَـامٌ ، كَالْـهُـنَـيْـهَـةِ قَـرْنُ
يَا يَا لَـهَـا مِنْ فُـرْصَـةٍ ذَهَـبِـــيَّــةٍ
يَلْـهـُو وَ يَـلْـعَـبُ فِي جِوَارِكَ إِبْـنُ
يَا أَيُّهَا الْـحَجْـرُ الْـكَرِيـمُ مَعِي ، فَلَنْ
تَـحـْتَـجَّ قــَافِــيَـةٌ عَـلـَـيْـكَ وَ وَزْنُ
مِنْ رِيـشَـتِي ، وَمَنَ الْأَنَـامِلِ كُـلِّهَـا
يَـنْـصَـب ُّ إِبْـدَاعٌ وَ يَــخـْـرُجُ فَــنُّ
حَـتَّى وَ إِنْ أَخْـلَـيْـتَ كُـلَّ دُرُوبـِـنَـا
لَـسْتَ الْـعَـدُوَّ كَمَا الْأَحِــبّـَةُ ظَـنُُّـواْ
عَلَّمْـتَنَا كَـيْـفَ الـتَّـضَـامُـنُ بَـيْـنَـنَـا
قَدْ صَارَ فِي الْأَرْزَاقِ - قَلْبَـكَ - يُـمْـنُ
تَتَنَـفـَّسُ الـصُّـعَـدَاءَ فيكَ طَـبـيـعَـةٌ
سَلْ كَيْفَ زَالَ عَنِ الطَّبـيـعَةِ وَهْـنُ
كُلُّ الْمَصَـانِعِ وَ الْمَـعَـامِـلِ أُغْلِـقَـتْ
لَمْ يَبْقَ تَـنُّـورُ الْـفُــحُـومِ وَ فُــرْنُ
نَـضَـتِ الذُّرَا وَ السَّفْحُ ثَـوْبَ كَـآبَـةٍ
وَ قَضَتْ عَلى الْحُزْنِ الْمُرُوجُ وَ حَـزْنُ
وَ حَـدَائِـقٌ قَدْ أَوْرَقَـتْ أَشْــجَــارُهَـا
وَ قَدِ اسْـتـَـقَـامَ مِنَ الْغُـصُـونِ أَدَنُّ
يَا مَنْ يَذُمُّ الْـحَـجْـرَ أَنْـتَ بِـمَـأْمَـنٍ
فَلِمَ التَّـأَسُّـفُ وَ الْـبُكَـآ ، وَ الْحُـزْنُ ؟
ذُو الْـوِزْرَةِ الْبَـيْـضـآ لأَجْلِكَ سَـاهِرٌ
وَ الْجـُنْـدُ وَ الـدَّرَكِـيُّ ذَا ، وَ الْأَمْنُ
فَإِذَا مَنَ الصَّعْبِ الْمُـكُـوثُ بـِمَنْـزِلٍ
زَمَـنـاً ، فَأَصْعَـبُ مِنْ مُكُـوتِك َ دَفْـنُ
وَإِذَا مِنَ الصَّـعْـبِ ارْتِـدَاءُ كِـمَـامَـةٍ
فَـأَشَـدُّ مِنْـهَـا في الصُّعُوبةِ كَـفْـنُ
لَنْ تَسْلَمَ الْـمُقَلُ الْجَمِيلَـةُ مِنْ قَذًى
لَوْلاَ الْحَوَاجِبُ فَـوْقَـهَـا ، و َالْـجَـفْـنُ
يُهْـدِي السَّوَادَ لَكَ الْغُـرَابُ وَ ظُلْمَةٌ
يُهْدِي الْـبَـيَـاضَ لَكَ الْحَمَـامُ وَ قُـطنُ
أُُنْـظُـرْ إِلَى الدُّنْيَا تُـنَـاجِـي رَبَّـــهَا
إِنْ رُخْـصـَةٌ لَكَ بِالْـخــُـرُوجِ وَ إِذْنُ
اللَّهُ يَـخْـلُـقُ مَا يَـشَـاءُ لـِحِـكْـمَـةٍ
سُبْحَـانَ مَنْ مِنْهُ الْعَطَـآ ، وَ الْمَـنُّ
اللَّـيْـلَ إِلاَّ كَـيْ تُـكَــرَّمَ شـَــارِقٌ
وَ الْقُـبْـحَ إِلاَّ كَـيْ يُـبَـجَّلَ حُـسْـنُ
قُـلْ لِلَّـذِي مَا زالَ يَكْتُبُ قَــائِـــلاً
انَّ الْـهُـرُوبَ إِلى الْـمَنَـازِلِ جُـبْـنُ
لَوْ كَانَ لِلْاَنْـــظَــارِ لاَحَ عَـــدُوُّنَــا
مَا كانَ يَـهْـرُبُ مِنْ لَظَـاهُ مُــسِـنُّ
جَيْشُُ - و رَبِّكَ - لاَ يُرَى ، وَ عَـرَمْرَمٌ
هَلْ مِنْهُ تَقْتَـرِبُ الْجُـيُوشُ وَ تَـدْنُـو ؟
تَـنْـأَى الْأُسُــودُ إِذَا تَـهُــبُّ زَوَابِـعٌ
بَلْ تَخْتَفِي قَلْبَ الْعَرِيـنِ .. وَ تَـرْنُو
أَنَظَرْتَ مِنْ ثُقبِ الـنَّوَافِـذِ خِـلْسـَـةً
مَاذا سَـتُـبْصــِرُ في الْأَزِقَّةِ عَـيْـنُ ؟
رُمْحٌ يُـصَـوِّبـُهُ الْـعَـدُوُّ و َلاَ يُـرَى
وَ لَـدَيْـهِ نَـصْـلٌ كَالرِّمَـاحِ وَ سِـنُّ
لَكِنْ سَـيَـتْـعَـبُ ثُمَّ يَرْحَلُ عِـنْـدَمَا
لاَ يَـجْـتَلِي خَصْمـاً ، وَ يَـصْمُدُ حِـصْنُ
الْحِصْنُ مَـنْزِلُـكَ الْعَـتِـيـدُ فَدُمْ بِهِ
لِلْعـُزْلِ أَرْكَـــانُ الْـمَنَــازِلِ وَعـْنُ
إِنِّي أَرَى الْـمِـصْـبَـاحَ زَادَ ضِـيَـاؤُهُ
لَمَّـا تَـغَـيَّـرَ للِزُّجَــاجَـــةِ لَـــوْنُ
يَا أَيُّـهَـا الْاَصْحَـابُ يَا أَهْلَ النُّـهَى
بَشُّواُ - وَلَوْ قَلْبَ الْبُـيُوتِ - وَغَـنُّواْ
فَالطَيْـرُ تَشْدُو فِي الْاَمَـاكِـنِ كُلِّهَا
لَمْ تَـنْتَـظِـرْ حَتَّى يَُـبَـرْعِـمَ غُـصْنُ
شعر ( ي) : محمد رحيمي لفسيسي ( من المغرب )
07/05/2020
كَنُّواْ : كتمواْ وأَخفواْ - الرُّبَى : التِّلاَل - العنادب : جمع عندليب وهو طائر غرّيد - ماء أَجْنٌ : أو آجِن ، إذا تغير لونه وطعمه - الجُرْن : الْبَيْدَر مكان درس المحصول الزراعي - النُّهَى : العقول - الرِّتاَجُ : الْباب الكبير - الْوَهْن : الضّعف - نَضَتْ : خَلَعَتْ - الذُّرَا : بالذال معجمة القمم والْاَعَالي - الْمُرُوج : جمع مَرْج وهو أرض واسعة ذات نبات ومرعى - الْحَزْنُ : بفتْح الحاء ، من الْأرض ما غَلُظَ منها - غصن أَدَنّ : أعوَج - الْقَذى : بالذال معجمة وهو ما يسقط في العين من أتربة او غيرها - الشَّارِقُ : الشمس - لظاه : ناره - جيش عرمرم : جيش عظيم كثير - لا يَجْتَلِي : لاَ يُبْصِرُ - الْعُزْلُ : جمع أعْزَل وهو الذي لا سلاح له - الْوَعْنُ : الْمَلْجأ .
البحر الكامل :
مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ
تدخل عليه من الزحافات ( الْإضمار ) تسكين الثاني المتحرك في ( متَفاعلنْ) .