حور من الأنس
..
حورٌ من الأنسِ لم أبصر لها مثلًا
كأنّها قمرٌ في الليلِ متسقُ
تمشي على مَهَلٍ لا شيءَ يعجلها
كالشمس في الصيف إذما ضمها الأفقُ
ومجلسٌ طيبٌ أكرمْ به نُزُلًا
كأنّها في جنان الخلد ترتفقُ
لو لامستْ شعرَها سهوًا أناملُها
من غير شيء ترى المسوّدَ ينفرقُ
ويبسمُ الفمُّ عن كالدرِ متسقًا
يغري نواظرَ مَن يهوى ويعتلقُ
تخالُ ريقتها من خمر خابيةٍ
إذِ الخمورُ لثغر الكاعب الرِّيَقُ
مرّت على مهل من قرب حارتنا
تأبى جفونُ الفتى طوعًا فتنطبقُ
تقولُ هامسةً عذبًا لرفقتها
إنّ الرجالَ إذاما سابقوا سُبِقُوا
فكم جيوشٍ مضتْ فلّت عزائَمهم
سودُ العيون فشمْ أنباءَ مَن سبقوا
فلا تجارِ المها كي تدعي عجبًا
بأنّكَ الفارسُ المغوارُ لا تَمِقُ
كلُّ النفوسِ ضعيفاتٌ إذا برزتْ.
تلك الحوارِ عليها الحسنُ يأتلقُ
بعضُ النساءِ إذا تبدو لوِ احتجبتْ
وبعضها إن بدت تُتلَى لها الفَلَقُ
فإن غضضتُ عيونَ الصبِّ مكرهَةً
فالأذنُ مولعةٌ فيها فتسترقُ
مَن صارمَ الغيدَ لا تأمنْ لهُ تلفًا
وهل بصبٍّ إذا صارمنَهُ رَمَقُ
يبدي تجلُّدَهُ والحبُّ مدنفُهُ
تكادُ من وجدهِ الأكبادُ تنفلقُ
تلك التي لو دنت يومًا مودتها
لما ظللتُ بنار البعدِ أحترقُ
لكنّ والدَها أدنى مساوءهِ
بأنّهُ نِحْلةَ الحسناءِ يرتزقُ
وأنّهُ جاهلٌ أعمى بصيرتَهُ
حُبُّ الظهورِ ويغري التبْرُ والوَرِقُ
إنّ الرجالَ إذا قيسوا بمظهرهم
ضاعت عقولُ الورى والمجد والسبَقُ
فلا يغرنّكَ الطاووسُ زينتُهُ
وتزهدِ الليثَ في أثوابهِ خِرَقُ
فقد ينالُ العلى مَن ثوبُهُ خلَقٌ
وقد يهابُ الربى مَن ثوبُهُ السَّرَقُ
...
الشاعر عبدالقادر الموصلي
1441هـ
2020م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق