الاثنين، 13 مايو 2019

قصيدة{{ذكريات حمراء}} بقلم الشاعر العراقي الانيق {{رعد الامارة}}

(ذكريات حمراء)
كان يتحاشى النظر للخلف فهو يعرف أنها  كانت تقف  هناك خلفه غير بعيدة عنه في منتصف الصالة تماما وقد عقدت مابين حاجبيها!لم تكن غاضبة مما كان يفعله ولا مستاءة بل كان الأمر يلذ لها! إنها تشعر بغيرة زوجها الشديدة التي يحاول قدر الإمكان اخفائها بسبب نزعة الكبرياء المترسبة في داخله!  وهو الآن يقوم بعمل مهم! إنه يطلي نافذة الصالة الوحيدة التي تطل على الشارع! يطليها باللون الأحمر! ورغم أن عمله هذا لم يكن يتطلب وقتا طويلا ولا جهدا خاصا إلا أنه استغرقه معظم فترة الصباح! كانت تراقب أصابعه التي أخذت تقوم بعملها بطريقة آلية وبطيئة! لم يتبادلا أي حديث وحتى عندما شعر بالعطش فإنه التفت نصف التفاتة واومأ لها باصابعه نحو فمه فتلقت الإشارة وسرعان ما استدارت واختفت بالمطبخ! نظر لاصابعه الملوثة بالدهان وهز رأسه! شعر بها تقف فوق رأسه بعد لحظات! قدمت له قدح الماء كان ملفوفا بورقة كلينكس! ابتسم لها نصف ابتسامة وسرعان ما زم شفتيه وواصل عمله! تحركت هي للخلف لكنه استنشق عبيرها الحلو! كانت كالعادة تضع عطره المفضل! هي لاتنسى حتى التفاصيل الصغيرة! كان بوده أن يبادلها الحديث حول أمر النافذة لكنه ترك هذا الأمر لحين فراغه ! بعد وقت ليس بالقصير أنهى عمله تماما !نهض واقفا وتراجع للخلف وأخذ يتأمل صنعة يديه! اعجبه الأمر!أخيرا  لم يعد يظهر أي شىء فاللون الأحمر طغى على كل شىء ! كانت هي تجلس على الاريكة غير بعيدة عن النافذة! نظر في عينيها الواسعتين المكحلتين وهمس لها ! انظري بوسعك الآن إزاحة الستارة متى شئت! لم يعد بوسع أحد التطفل بعد الان ولاحتى أشعة الشمس نفسها!قال ذلك بأبتسامة كبيرة ثم اختفى خلف باب الحمام! مضت أشهر طويلة منذ أن حدث هذا الأمر! وهاهي تجلس وحيدة إلا من ذكرياتها! فبعد أن دهست سيارة مسرعة زوجها فضلت البقاء هنا! ورغم وجود أمها وشقيقتها معها إلا أنها مازالت تشعر بأن للذكريات نبض فهي تراها في كل زاوية من زوايا الشقة! لكن أشد ماكان يزعجها ويصيبها بالألم هو منظر النافذة ذات الطلاء الأحمر! فقد كان يخيل لها أن النافذة مطلية بالدم! وهكذا قامت باسدال الستارة ولم تعد تسمح لأي أحد بازاحتها!لكن بمرور الوقت  امحى الزمن أغلب الذكريات في داخلها وظل فقط أمر  النافذة واللون الأحمر! وفي صباح أحد الأيام وقفت امام النافذة وازاحت الستارة بحركة واحدة ثم أخذت تحك بأظفرها اول الامر الطلاء الأحمر! تراجعت للخلف وأخذت تحدق بالنقطة البيضاء التي ظهرت في منتصف النافذة! ابتسمت بألم وسرحت قليلا ثم مالبثت أن أخذت تعمل بجد! وهكذا اختفى اللون الأحمر تماما! وفيما كانت تنظف نفسها في الداخل تسللت أشعة الشمس وأخذت تبتسم بوجه النافذة ومعها !!تسللت نظرات متطفلة أخرى!!!!

ليست هناك تعليقات: