الأحد، 1 ديسمبر 2019

قصة قصيرة بعنوان{{ليس بأيدينا .. هي أقدار}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{جاسم الشهواني}}

ليس بأيدينا .. هي
        أقدار

في باحة هذا العالم الغريب
كان ذلك الرجل الوقور يسير وحيد
تثقل كاهله تراكمات كل تلك الاعوام التي
خلت .
وقع قدميه يعبر عن مدى تمسكه بكل مافي
ذلك الماضي من أحداث .
سعيدة كانت أم حزينة ووجوه اشتاق لها
لأنها كانت تعني له الكثير الكثير .
تلك الباحة كانت له مقر ومقام وكان فيها
حديقة غناء ومقعد خشبي أعتاد الجلوس
عليه .
ليسند ظهره المنحي للأمام ويدفع برأسه
للخلف وينظر للسماء .
لتهرب تلك الدمعة الحبيسة من عينييه
لتسلك طريقها نزولآ على خديه الذي نقش
الدهر عليهما مانقش .
يمعن النظر في السماء وكأنه يخاطب من
رفعها من غير عمد .. أن أرحني .. ؟
لقد سمئت كل ما أنا فيه والشوق يتملكني
لمن رحلوا وتركوني وحيد .
لكنه كان يلمس الأجابة ويقرأها وكأنها
كتبت على تلك السحابة لم يحين بعد
موعد الرحيل .
كان يحمل بين يديه سكين صغيرة يستلها
من جيبه لينقش على ذلك المقعد الخشبي
مابداخله من شوق وحزن وألم وغدر كان
يعانيه .
ويكتب كلماتك تكاد تكون طلاسم غير
مفهومة .. ؟
هو وذلك المقعد كانا هما فقط من يفهما
حروفها ويجيدان قرأتها .
وبعد أن ينتهي من كل ماهو فيه يستسلم
جسده للمقعد ويتحدا كأنهما يمتزجان ليشكلان خليط عجيب وتبقى فقط عيناه
تراقب كل ماحولهما بصمت وكان عهد الكلام أنتهى وبدأ عهد لغة العيون .
ومن ابعد نقطة في تلك الساحة الملتصقة
بالبناء الضخم تنبثق أمرأة تسير بخطى
ثابتة واثقة وجادة نحوا ذلك المستسلم على ذلك المقعد المنزوي 
تشق الحشود اللاهية وتخرق جدار من
الزهور بكل عنف وقسوة
فهم الرجل رسالة وقع أقدامها هو قبلتها
وخطاها فيها حقد كبير
وكأنها قادمة تطلب حقها من ذلك الرجل والمقعد معآ
مازالت هناك مسافة تفصل بينهما لكنه 
انتصب على مقعده ورفع رأسه للسماء
وحدثها هل السماء هي من ارسلتها .. ؟
مع وقع أقدامها الثابتة كان نبض الرجل يزداد تسارعه . أقترب بشكل كبير وكان
الرجل قبلتها .
بلغت المرأة مقصدها وتوقفت امامه بثبات
وقالت له .. ؟
أعد لي ماسلبتني أياه .. ؟
أنا أبحث عنك طوال عمري .. ؟
اصاب الذهول وفقد القدرة على النطق هو
اليوم مذهول . 
تلعثم وتعرق وضاقت أنفاسه من هول الصدمة .. واخيرآ تماسك بعد جهد جهيد
وقال .. من أنت ياأمرأة .. ؟
انا لا أعرفك فكيف لي ان أسرقك .. !
اجابته .. لاتعرفني .. !
وقد سلبت مني أهم اجزائي .. ؟
لقد سلبتني نبضي وخطفت مافي يساري ..؟
قضيت عمري قابعة وراء ستار 
يامن دخل حياتي وسلبني قلبي 
عشقت طوال عمري بصمت ومرت علي
سنين كنت فيها أعاني .. أعد لي كل مامضى اعد لي زهرة شبابي زهوي ومافاتني من اعوام .
ضحك الرجل ضحكة مشبعة بالحزن ورافقتها بضع قطرات من دمع المقل
ونظر اليها بنظرة كلها حزن وألم
وبصوت مرتجف كصاحبه .. ؟
قال : لها أين خبأتك الأقدار .. ؟
بحثت عنك في كل مكان وضاع مني
عمري . ألعني الاقدار التي أخفتك عني
وغيرت مجرى حياتي 
جئتي .. تطالبني بالذي سلبتك إياه .. ؟
أبحثي بين أضلاعك ستجدين خافقي ملتصق بمن ينبض في يسارك .. !
طالبي الأيام والأقدار التي فرقتنا .. !
نهض الرجل المتهالك بعد أن أستند على صديقه الخشبي الصامت ونظر اليه بنظرة
وداع أبدي .
وأدار برأسه لينظر للمرأة نظرة طويلة جدآ
لتبدأ لغة العيون .. !
وعرض أمامهما ذلك الشريط الحزين الذي
كانا فيه يلعبان دور البطولة .. !
أومئ لها براسه وسار ببطئ شديد وتوقف
بعد بضع خطوات وقال لها .. ؟
اطلبي ماسلب منك من الأقدار هي مهندسة كل مايدور ..            
                            ثقي 
                  ليس بأيدينا .. هي
                          الأقدار      
 وحدها الملامة هي من تتحكم بكل شئ

                 ليس بأيدينا .. هي
                          أقدار

                                             بقلم
                                     جاسم الشهواني
                                            العراق
                                      1/12/2019

ليست هناك تعليقات: