الثلاثاء، 31 ديسمبر 2019

قصة قصيرة بعنوان {{عشق روحها}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{جاسم الشهواني}}

عشق روحها

محمد رجل أنهكته الأيام
وجد نفسه وحيد بعد أن كان يتربع على عرش مملكته .
حمل ماتبقى له من ذكرى من حملهم على الأكتاف إستئجر منزلآ صغير في حي شعبي فقير في مدينة مجاورة لمدينته .
عانا كثيرآ من وحدته وغربته ولم يجد غير
الدمع من يؤنسه .
كل ليلة يفتح نافذته لينظر لوجه القمر ليرى
صور من كانوا له كل شئ ، يحدثهم كيف كان يداعبهم وبيده يطعمهم ، ويعود للبكاء لما ألت اليه حالته .
سمع صوت مناجاته كل ليلة جارة له كانت
مقعدة على كرسي متحرك .
طرقت باب منزله فتح لها محمد ورحب فيها كثيرآ .
قالت له .. ؟
مابالك كل ليلة تحدث القمر وتذرف الدمع بحرقة .. ياهذا .
بهت الرجل وتلعثم .. وأجابها قائلآ .. ؟
كيف عرفتي بأني أحدث القمر وأبكي .. !
قالت .. كل ليلة أسمع صوتك وبكائك لما
كل هذا الحزن .. !
الدنيا لاتتوقف لأجل أحد عش حياتك قطارك مازال على سكة الحياة ومحطاتك القادمة قد تكون أجمل مما ودعت لاتيأس وتماسك وأعمل على إعادة ترتيب أوراق حياتك .
الدنيا تستحق المحاولة من جديد ، وأعلم
إن نقطة النهاية هي منطلق لبداية جديدة
إفتح نافذتك لنور شمس الصباح وإستقبل
الضياء بإبتسامة أمل وستنجح أكيد وخير
دليل ها أنا ذا أمامك مقعدة على كرسي متحرك ، لكنني لا أكرهه بل أعتبره جزء
مني وأعيش حياتي كما أشاء .
عش اللحظة ولاتهدر الفرصة وأزرع الأمل
بداخلك ستثمر أغصانك وتطرح ثمار حلوة
المذاق لاتحزن ياجاري أنت أفضل حال من
كثير من الناس الصابرين الصامتين .
أخرج من عزلتك على بعد أمتار من هذا الحي هناك منتزه كبير ورائع وأغلب أهل
الحي يتواجدون فيه وأنا منهم ، أنا راحلة
والأمر متروك لك ياجاري .
في أمان الله وحفظه 
خرجت السيدة وهم محمد ليغلق باب منزله
قالت له وهي تحرك عجلات مقعدها بيدها لاتنسى هناك متنزه قريب ، وكانها تؤكد عليه موعد اللقاء فيه .
أغلق محمد بابه وإتكئ عليه كان كلام تلك
السيدة يدق نواقيس وأجراص برأسه ، لم تهجر رأسه كلمات جارته الواثقة من نفسها .
حل الليل بعبأته السوادء لكن محمد لم يفتح نافذته ولم تسقط من عينيه دمعة واحدة ، 
حدث نفسه قائلآ .. ؟
مالذي فعلته بي تلك السيدة .. !
لقد زادتني تعبثر فوق تبعثري وأغرقتني ببحر لاقرار له وأدخلتني بنفق بالكاد أتلمس طريقي فيه ، من هي ومن أين جاءت .. ؟
إنسية أم جاءتني من عالم الجان ، لكن لما
أنا لا أنفك عن التفكير فيها سأجن أكيد .. !
في صباح اليوم التالي إستيقظ  محمد مبكرآ تناول فطوره وغير ثيابه ورتب شعره
وتعطر كأنه ذاهبآ للقاء حبيبته .
خرج من منزله وسارا في حواري وأزقة
الحي العتيق .
الكل ينظر ويسألون من هذا الغريب ، أكمل
طريقه وبعد مسافة قصيرة وجد المنتزه
أمامه وتوقف عند بابه ، كان نبضه متسارع
وسقطت من جبينه بعض من قطرات تعرقه
بعد عدة دقائق ، إستجمع قواه ودخل المنتزه ولكن بحذر وخجل ، كان أغلب رواده من كبار السن ، دخوله لفت أنظار الجميع لأن هذا المنتزه لم يدخله غريب
منذ زمن بعيد .
إندفع محمد بإتجاه مقعد منعزل وجلس عليه ، إضطرب محمد كثيرآ من تلك النظرات التي تلاحقه وجارته لم تكن في المنتزه ، قرر أن يغادر ولكن بعد دقائق .
نظر للموجودين بنظرة حقد كبيرة ، كانوا
يتحدثون رجال ونساء ويضحكون والأنسجام كان حاضرآ .
محمد نظر لساعة يده وقال حان وقت المغادرة وقف محمد بغية المغادرة ، وإذا
به يرى جارته تدخل من باب المنتزه وتتجه
بإتجاهه وتلوح له بيدها .
تسمر الرجل في مكانه وكأن مطرقة ضربته
على رأسه ، إقتربت السيدة وألقت عليه تحية الصباح وبادلها الرجل التحية وجلس
تحدثت معه لدقائق معدودات .. وقالت له
إبقى مكانك سأعود لك لاترحل .
إندفعت السيدة بإتجاه الموجودين ودار بينهم حديث ليس بالطويل ، إلتفتت اليه
مبتسمة وأشارت اليه بأن تقدم وأنظم لنا
إندفع الرجل بإتجاههم وبعد دقائق أصبح
جزء لايتجزء منهم ، ساد جو من الفرح والسرور ليكون محمد من أعضاء هذا المنتزه وإستمر محمد بتواجده فيه .
كان في منزل محمد نافذة تطل على نافذة جارته في بادئ الأمر كان الخجل يمنعه من
أن يفتح تلك النافذة التي تطل عليها .
وبعد أن توطدت العلاقة بينهما في ذلك
المنتزه فتح محمد تلك النافذة .
جارته تنظر من وراء ستائرها لكنها لاتفتحها
كرر محمد الأمر لعدة أيام والوضع على ماهو عليه ، في الصباح يلتقيان وفي المساء تفصل بينهما نافذة وستائر .
جن جنون الرجل وإستعرت بداخله نارها
طالت عليه سويعات الليل وكأنها دهر كامل
شق ظلمة الليل نور فجر جديد وأمل جديد محمد لم تغمض عيناه طوال ذلك الليل القاسي .
حان موعد اللقاء في المنتزه كان جميع الرواد موجودين الاهو تأخر عن موعده
قلق الجميع عليه وتلك الجارة كانت نظراتها
حائرة .. أين محمد .. لقد قسوة عليه .
وبعد طول إنتظار دخل محمد وكأنه
فارس يمتطي جواده ويهموا دخول معركة حياته ، لفتت مشيته وإندفاعه نظر الحاظرين .. وثار ألف سؤال وسؤال مابه
مالذي جرى له .. ؟
بلغ محمد ساحة معركته توقف ونظر للجميع .. وقال .. ؟
أنا .. أحب جارتي وأريد أن أتزوجها ،
بكت الجارة وساد جو من السعادة لكنها
مازالت تبكي وصامتة .
طلبوا منها أن ترد عليه نظرت له وللجميع
وأجابة .. لكن أنا مقعدة وهذا الكرسي لايقارقني .
هنا .. إبتسم محمد وقال .. ؟
أنا عشقت كرسيك المتحرك أكثر منك 
عشقت روحك الجميلة التي تسكن جسدك
الجسد لايهمني الروح هي مقصدي ومطلبي
وإنحنى على رأسها وقبلها منه .
إبتسمت .. وقالت أحبك ياعاشق القمر
ساد جو من الفرح وأختلطت الدموع بالزغاريد ، ليعيشان معآ حياة رائعة .

ياسادة
الحب الصادق المترفع عن المصالح يصنع
المعجزات ، والجسد فاني والبقاء والخلود
والجمال لتلك الأرواح النقية التي تسكننا 
هي جوهرنا وحقيقتنا الوحيدة .. أتت من
عالم مجهول .. لتستقر بجسد سايبلى في
بيت الدود .. وستحلق لعالم الأرواح 
وستعود يوم النشور .. هي الحقيقة الوحيدة في هذا الكون .
  
                           تمت

                                            الكاتب
                                      جاسم الشهواني
                                            العراق
                                      31/12/2019

ليست هناك تعليقات: