الثلاثاء، 28 يناير 2020

ج1 من قصة {{ تمثيل }} بقلم القاص العراقي القدير الاستاذ {{رعد الإمارة}}

(تمثيل)

تظاهرت بالنوم، فسحبت زوجتي  يدها التي كانت تعبث بشعري ثم انحنت، كان بوسعي الشعور بحرارة أنفاسها! تنهدت ثم نهضت، تتبعت أثر خطواتها بنصف عين، لم تلتفت للخلف، كانت واثقة من نفسها ومن خطواتها الحذرة! تناهى إلى سمعي المرهف صوت مزلاج يسحب، تلاه همس خافت، نهضت بخفة، استدرت حول الباحة الخلفية للدار، رفعت رأسي بحذر، كان بوسعي رؤيتهما من خلف زجاج النافذة، آه، ليس عادلا مايحدث، كانا ملتصقان مثل كائن بشري واحد. كنت الهث غضبا، رفعت رأسي أكثر، كان بوسعي رؤية المزيد الآن! فجأة رفعت رأسها عن كتف ابن الجيران والتقت نظراتنا!لم ترتبك، بل لمع شىء مثل البريق في عينيها ،همست بشىء في إذن الشاب، افلت جسدها ثم اختفى بسرعة، ظلت في مكانها تحدق في ،وقد وضعت كلتا يديها على خصرها، شعرت بالخجل وبشىء من الخوف! كانت نظراتها قد أصبحت غاضبة الآن، تلاشت من أمامي ،كنت أعرف أنها هي، لم التفت للخلف ولم انهض عن مكاني، أغمضت عيني مترقبا حركتها القادمة! جذبتني فجأة من ياقة قميصي، اوقفتني أمامها وقالت بصوت أشبه بالفحيح :
-هذه المرة أنت افسدت كل شىء!علينا أن نعيد الدور مرة أخرى لكن غدا ، كان عليك الأنتظار حتى يستلقي فوقي، غبي! نظرتك من خلف النافذة افسدت مزاجي، سأغفو قليلا! عليك أن تعبث طويلا في شعري،واحذر أن ترفع أصابعك، أريد أن أدووووخ!!!

2(حكاية كل يوم ) لم أشعر إلا وباب البراد يفتح فجأة، كنت في سبيلي لأخذ غفوة، لكن الآن وبعد أن لاحت ملامح الوجه الذي نعرفه، فإن كل ذلك قد تبخر! لم ينظر لي، كانت عينيه قد استقرتا على تلك الرشيقة الصفراء المدللة، سمعتها تقول بغنج يصاحبه شىء من العتب الخفيف :
-ظننت أنك أحضرت شقيقاتي كما وعدتني، أنظر لقد سأمت من الوحدة هنا، تلك السوداء نائمة  (أشارت نحوي )وهذه الخيارة الخضراء هي وشقيقيها يضايقانني كثيرا، بت أخاف لوحدي. ساد صمت لم يستغرق سوى لحظات، لمحت يده كثيفة الشعر تمتد وترفع الموزة برقة، مغرورة، راحت تتلوى في كفه الكبيرة، دمدمت الخيارة البدينة، سمعتها تقول :
-حقيرة، إنها تعرف كيف تجيد التمثيل  (ثم لشقيقيها) عليكما أن تتعلما منها ،اقتربت مني ،لكن ليس كثيرا، واصلت قولها وهي تحدق في بأزدراء :
-لافائدة منك، دوما صامتة ياذات القبعة الخضراء. لم أرد عليها، كان بوسعي سحقها لو أردت، لكني احترمت نفسي، كنت مؤدبة ومهذبة، هكذا ربتني أمي! ضحك صاحب اليد المشعرة وراح يمازح الموزة الرفيعة، قال لها :
-مارأيك لو تخلصنا من ثيابك! هل اقشرك!؟ستبدين فاتنة وانت عارية.  ارتدت الموزة للخلف، كادت أن تفلت من كفه، سمعتها تهمس :
-وتلتهمني دفعة واحدة! أنت نهم، لادلال لا تقبيل لاشم كما تفعل مع التفاحة البرميل. راحت الموزة تضحك بعد قولها هذا، شعرت بكراهية عميقة لها، سحقا، كيف لها أن تتحدث بهذا الأسلوب عن زميلتها الغائبة! دنت الخيارة بخطوات ثقيلة مني يتبعها كالعادة شقيقيها الرفيعين،كانت تحدق من خلال البراد المفتوح صوب الموزة، كانت تحدق بغضب، قالت :
-حسنا سنرى، إن لم يلتهمك هذا البليد سأفعل أنا!. ارتفع حاجباي دهشة، كنت أود أن اسألها، كيف ستفعل ذلك ،لكني اشحت بنظري بعيدا. لا أعرف لماذا تعاطفت مع الخيارة! ربما لكوننا بدينتين، أو قد يكون السبب راجع لقرابتنا البعيدة من بعضنا ، لكوننا لا ننتمي لصنف الفواكه! كانت الخيارة هادئة تماما حينما ترك البليد كما تسميه، الموزة بجوارها، لكنه قبل أن يغلق باب البراد رمقها بنظرة وعيد، هكذا فسرتها أنا! لم يحدث شىء في المساء، رقدت الخيارة جانبا مع شقيقيها، أما أنا فكنت أنظر بأسى لمكان زوجي الخالي الذي التهمه البليد ذات يوم! قبل انتصاف الليل بدقائق فتح باب البراد وراح يصف بعناية اصنافا لم نرها من قبل! لكن كالعادة سبق الأصناف هذه كلها ثمان موزات مابين شقيق وشقيقة، التفوا حول اختهم الصغرى واخذوا يدورون ويمزحون(انتهى القسم الأول /يتبع)

بقلم /رعد الإمارة /العراق 
27/1/2020

ليست هناك تعليقات: