(ذكريات لاترحل)
لم يتغير مكان الكرسي الهزاز أمام الشرفة! وقد مضت عدة أشهر طويلة ربما منذ أن رحل! هذه المرة لم ترحمه النوبة القلبية! كانت عند رأسه قريبة منه تماما عندما مات! لم يشعر بألم فقط آهة طويلة أو ربما اثنتان! ثم تنهد! لم يحاول الكلام حتى! لكنها ماتزال تذكر أنه منحها أجمل ابتسامة يمكن أن تحصل عليها! كان كريما حتى في موته! وضعت اصابعها على الكرسي الهزاز ثم حركته فأخذ يهتز !كان يجلس هنا !وأحيانا يطيل جلوسه حتى أنه ينام فتتصاعد أنفاسه المنتظمة ويسقط رأسه جانبا! لكن هذا الوضع ماكان ليرضيها! إذ تشعر بأن نومه هكذا ليس مريحا! تمهله بعض الوقت ثم تداعبه برفق وعندما يفتح عينيه ويجدها ترنوا إليه يفهم رسالتها فينهض مستندا على كتفها! وهناك في غرفة نومهما يلقي بنفسه ويخفي وجهه بذراعه! تسحب الغطاء عليه! تطفىء النور ثم تبتعد خطواتها! ويهدأ كل شىء وتضيع اليقظة في عينيه! استدارت حول الكرسي !تأملته ثم جلست بهدوء ولمعت عيناها! لم يكن بأستطاعتها إلا أن تحضن الفراغ لكنها حاولت استنشاق وجوده! مع ذلك ابتسمت بألم حينما جربت أن تجلس كما كان يفعل تماما! حتى إنها وضعت يدها تحت ذقنها! وجربت أن تحك رأسها كما كان يفعل بشعره شبه الاصلع! وبالنهاية مدت ساقيها الاثنتين لأبعد مدى! شعرت بألم مفاصلها! لكنها لم تغير وضعها! أغمضت عيناها واسترجعت بعض ذكرياتها معه! نهضت بعد ذلك! استدارت للكرسي ثم انحنت! همست شكرا حبيبي! شكرا لكل الاوقات الحلوة الجميلة !وقبل أن تختفي بالمطبخ هزت الكرسي هزا قويا !وفيما كانت تبتعد ظلت الذكريات هناك على الكرسي! كانت تهتز!!
بقلم
رعد الإمارة
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق