الأربعاء، 12 فبراير 2020

مقال تحت عنوان {{تعريق الأصالة}} بقلم الكاتب الفلسطيني القدير الأستاذ{{صفوح صادق}}

تكون لنا الأصالة حيث تكون لنا الإ رادة

تعريف...
الأصالة هي العناصر الفكرية أو الروحية أو الأخلاقية التي تمثل الجذور الأساسية في إ نسانية الإ نسان، في إ نتماءه الذي ينطلق من قناعاته الفكرية،فالإنسان ذات أصالة فيما يحمله من فكر أو نهج ينتهجه،ويمثل
هذا الفكر أو هذا النهج عمقاً في إ نسانيته في كل مواقعها وامتداداتها واعماقها،أن ينطلق الفكر من عمق،من عقل، من دراسة ومن حاجة الحياة ومن حاجة الإنسان في
الحياة.
إ ذاً،أنت أصيل بقدر ما يمثل فكرك عمق وجدانك وعقلك والفكر يكون أصيلاً في الحياة بقدر ما يمثل حاجة الحياة في كل ضروراتها،لذلك عندما نعالج مفهوم التغريب
يجب علينا معالجته على أنه خط فكري 
تتحرك فيه الحضارة التي عاشت في الغرب
وانطلقت فيها ولهذا،يصبح هذا المفهوم خطاً في الفكر والنهج ليكون حركة في الحضارة.
فالقضية ليست إنفعالاً ننفعل به،وليست
إنتماءً طائراًننتمي إ ليه،بل هي حياتنا  وفكرنا هو حياتنا لأن الحياة صورة لكل مفاهيمنا التي تفرض نفسها سلباً أو إ يجاباً
تقدماً أو تخلفاً في الحياة، وذلك من خلال الوجدان الذي نحمله،لذلك لا يكون الإنتماء 
حالة طارئة في الإنسان بل هو حالة ثابتة
في وجوده، لأنك بما تنتمي.
لابد لنا من أن ننطلق لنفكرأولاً، لا الفكر الذي ينطلق ليدرس الإنسان في خطوطه العملية
في الحياة أن ندرس إنسانيتنا! أن نفكر وأن يكون الفكر يساوي العقلانية والموضوعية،
العقل الذي يقف مستنكراً ليلتقط ملاحظة هنا وأخرى هناك وفكرة هنا وأخرى هناك،
ندرس كل انتماءاتنا لنعقلها ولنؤصلها في وجداننا ،لاننا قد نكتشف أن كثيراًمن انتماءاتنا كانت إرثاً ولم تكن فعلاً!!
والبيان الإلهي يؤكد على ذلك بقوله'' إ نا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون'' والإرث ليس بالضرورة أن يكون
سلباً دائماً، لابد لنا أن ندرس سلبياته و 
إ يجابياته ،لأن إ رث ما تركه لنا آ باؤنا
قد لا يكون له دور في حساب حياتنا،لأنه
إ رث من زمن ماض إ نطلق من تجربة محدودة وتحرك في أفق محدود ، لهذا ليس بالضرورة أن نقدس التراث بل علينا دراسته، للأنه كان فكر أناس جربوا وتجربتهم خاضعة للظروف الموضوعية
الذي كان يمثلها زمنهم، لذلك هم كسبوا فكراً وعلينا أن نكسب فكراً آخر، يخضع للظروف الموضوعية والتي يمثلها زمننا
'' تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم'' لها ما كسبت من فكر خاطيء أو مصيب ،ولكم ما كسبتم،لكل جيل كسبه وليس بالضرورة أن يكون كسب الأجيال
السابقة هو كسبنا من مسألة الإرث، وقد نكسب ما كسبوه لأننا اقتنعنا به ولأننا أردنا ذلك ،لا لأن الأخرين تركوا لنا ذلك.
القضية في عالم الفكر والإنتماء، ليس أن يكون لك شيء جديددائماً، ربما يكون لك فكر الآخرين، لكن على أساس ان يتحول
ليكون فكرك بعد أن تقتنع به أنت، لا لأن الآخرين اقتنعوا به، وهكذا هي المسألة في
عملية التفاعل '' لنفكر معاً'' ولا تكون المسألة 
'' فكروا لنا'' لأن فكروا لنا يلغي وجودنا ، ولكن لنفكر معاً يمنحنا عمق الوجود المتفاعل مع الوجود الآخر. 
الإنسان الأصيل هو الذي اختار فكره،ولم يتبع غيره ،وهو الذي جعل قضايا الحياة،قضايا هذا الفكر في عمق الحياة،
فالإنسان يؤصل انتمائه، من حيث يؤصل فكره ليربطه بعقله ووجدانه، وبكل ثوابت الحقيقة في الحياة.
تكون لنا الأصالة حيث تكون لنا الإرادة، و حيث يكون لنا الإختيار،  وعندها تكون الأصالة في مواجهة التبعية العمياء، أن تكون مجرد حركة تابعة لحركتهم، تتمثلهم لكنك لا تعيشهم ، وجودك التابعي هو الوجود في الظل وليس الوجود الحقيقي ، هو الصدى والشبح وليس الحقيقة.
لذلك نواجه كل الذين يريدون أن يفرضوا علينا أن نكون تابعين لهم، لا إ رادة لنا ولا 
إ ختيار، عندها المسألة تتمثل في معركة الحرية في أن نريد او لا نريد أو نكون أو لا
نكون، إ ذاً: لا نواجه مفهوم التغريب من موقع العقدة بين الشرق والغرب على أساس
أن الغرب استعمره وفرض عليه ثقافته ومناهجه وذهنيته وعاداته، أي عقدة الضعيف من القوي ،لأن القوي قد يفرض عليك شيئاً جيداً،،وليس بالضرورة ان يفرض عليك شيئاً فشيئاً لذلك علينا أن لا نواجه الغرب في المسألة الفكرية أو الحضارية من موقع عقدة الشرق من الغرب
لأنها حينها لن نفهم  الا ضعيفاً يريد أن يصارع قوياً ويسترد كرامته، لهذا نرى بعض الناس يدعون للمحافظة على التراث حتى ولو كان متخلفاً وإلى  رفض كل جديد ولو كان متقدماً.
صفوح صادق-فلسطين
١٢-٢-٢٠١٠.

ليست هناك تعليقات: