الثلاثاء، 10 مارس 2020

قصة قصيرة بعنوان {{عِناق الرّوح}} بقلم القاصة العراقية القديرة الأستاذة{{ألَـــق محمّد}}

(عِناق الرّوح)
في منتصف شهر مارس حيث نسمات الرّبيع الرّقيقة 
يتوسطُ قرص الشّمس ناشراً خيوطه الذهبية عين السّماءِ الزرقاء مُغطيا مساحات الحقول الخضراء 
حقول القمح وسنابلها الصفراء المتمايلة بحسنها 
كأنها فتاة عشرينة رشيقة القوام ، أصابت مُهجة 
الفزّاعة(مانيكان) بغنجها وتمايل جدائلها أمامه 

مانيكان : جِنُنتُ بكِ أيُّتها الرشيقة الرقيقة 
تمايل خصرّك أمامي كـنوتات موسيقية 
صعودا ونزولا أمام موسيقار جريء

عانقيتي فأني أهوى العِناق 
عانقيني بروحك ..
عانقيني ولا أأبهُ لغربان ولا أنسان
عانقيتي بقوة ليكون عِناقك تحطيمًا لذراعيّ هاتين
لا آبه للنسور أن تنهش رأسي 
لا أبالي لرصاصة صبيّ طائش يلهو بقربي
أُريدك أنتِ بقربي فحسب، إكسريني 
واحتويني 
السنبلة بإستعلاء : كيف تُريدني أنت !
وأنا سُنبلةُ قمحٍ أبلغ خيوط الشّمس بشموخي 
يتغنّى بحسنى حقول القرية وساكنيها 
أ أنسيت مَن أنتَ ومن أنا ؟ يا كومة القشّ الوضيع !

مانيكان يُجيبها وقد كُسرت مجاذيف أمله 
كأنما سُفنه كُتب عليها الشّقاء والعناء 
: أنا ياسيدتي كومة قشّ أَصلب ها هُنا من أجل حُبك 
أنا الذّي تحمّل حُرقة الشّمس لشّعري وأستعرت من حبة القرعِ تلك لتُغطي رأسي من أجل حمايتك 
أنا الذّي مُزقت ثيابه الرياح العاتيات من أجل الحفاظ على قوام نحافتك 
أنا الذي أكلت من رأسي الطير علقم حظّي من أجل سلامة طولك 
أنا الذّي ضحى بكلتا ذراعيه حتى لايُفزعكِ شارد..

هل عرفتِ من أكن يا سيدة الحقل الحسناء ؟
بين تلك النبرات الحزينة أرتمت سُنبلة القمح لصّدر المانيكان 
مُعانقة وهي تبكي بحرقة معتذرة عمّا بُدر منها
فأنهالت عليه تقبيلا 
حتى سُقط مانيكان مغشيًا عليه فرحًا
فحوطتهما خيوط الشّمس بقرصها الذهبي 
ومُلأ الحقلُ زقزقة العصافير وعُبق الكون سرور 

لـ ألَـــق محمّد🥀
  العراق

ليست هناك تعليقات: