بقعة ضوء
نندفع بقوة بإتجاه تلك البقعة المضيئة من
دون أن نتوقف ولو للحظة تفكير .
وسبب إندفاعنا ذلك الحرمان المتأصل بنا
وطول إستيطان الظلمة وإستعمارها لذاتنا
تلك البقعة كواحة تتوسط صحراء قاحلة
لاماء ولاعشب ولاإخضرار رمال متحركة والريح
تتلاعب برملها وتثيره لتعمي الأبصار .
نعاني من الظمأ الأزلي
فجاءة تلوح في الأفق واحة الخلاص والبعث من جديد بعد فقد الأمل والإستسلام للأقدار
ماؤها سلسبيل وقطافها الدانية تشفي العليل فكانت أم الأحلام .
تجدد الأمل في الأرواح البائسة اليائسة لتحاكي العقل المزدحم المضطرب المشتت الأفكار .
ليأمر البصر أن أشخص وركز نحو واحة لما
طال البحث عنها في الحلم والحقيقة .. !
وتجاهل محيطك وكذب الملموس وطارد
ماتصبو له النفس والنفس أمارة بالسوء
هاهو العقل قد بلغ مرحلة الاوعي .. ؟
وفقد ماخلق لأجله القيادة وحسن الإدارة
والتدبير .. ؟
وباتت بقعة الضوء تمثل له الواحة الحلم
أآمر الأطراف بأن تحث الخطى حتى وإن
كانت فقدها ثمن البلوغ .. ؟
الطاعة واجبة للعقل والتنفيذ أمر واقع .. !
الكل مستنفر والكل يتسارع وتلك البقعة
تزداد إبتعادا مع كل خطوة تقرب هذا
الملهوف لينعم بقربها .. ؟
سراب يتبعه ظمأن يود الإرتواء بعد طول
عطش .
يسابق الزمن ويطوي المسافات كطي
السجل للكتب والبقعة أسرع من خطاه المثقلة .
تعشق الأفول كالشمس يطاردها القمر
يبزغ فتغيب ليتقوعق على الذات وتبتلعه
ظلمة الليل فتعود لتشرق وتملأ السماء
نورا .
ظلمتنا تعشقنا وعاهدتنا عهد دم على أن
لاتفارقنا الى أن تضعنا وتطبع على الحبين
قبلة الوداع في بيت الدود .
هذه حقيقتنا وهذا ديدان حياتنا ولكننا لانتعظ ونعود لنطارد الأحلام ونقع في
المطبات تباعآ ولانتعلم من دروس الحياة
لكنني قررت أن أعيش الواقع وأتجرد من
كل الأحلام .
وأن أخز جلدي بإبرة الحقيقة بيدي لأوقظ
العقل الشريد بإن عش واقعك ولاتطارد
السراب .
صحراؤك أرويها بيدك وصبرك ومثابرتك
لتهدأ ريحها ويثبت رملها لتتحول لحقول
خضراء تموج فيها السنابل كموج البحر
وتلك البقعة المضيئة لن تدركها ماحييت
سيولد فجرك المنتظر وستزين شمسك
سماء العمر . لترى الحقيقة جلية .
ولتسعد بتلك الزهرة التي بين يديك وتنعش أنفاسك بعطرها .
تنفس بعمق ليحيي عطر زهرتك كل تلك
الذكريات الجميلة .
هاهو الربيع قد ترجل عن جواده وأرخئ
أحزمة سرجه .
فحلق فوقها كنخلة وأجمع رحيقها وإصنع
شهدتك بيدك وتنعم بالمذاق الحقيقي .
بقعة الضوء بداخلك فكسر كل القيود وإفتح لها الأبواب ستنير وجهك وتتورد
الخدود ويعود الدم الراكد في العروق ليقبل جدران الشرايين حنينآ وإشتياق .
بقعتك إرادتك عزيمتك كرامتك وكبرياؤك .
بقعة ضوء
بقلم
جاسم الشهواني
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق