الأحد، 26 أبريل 2020

قصيدة نثرية{{أسفار كورونا}} بقلم الشاعر المغربي القدير الأستاذ{{العلمي الدريوش}}

......            ملحمة الزمن الأخير
                    (أسفار كورونا)
                                                    - 4 -

إِنَّهُ فِعلاً يَوْمُ الْقِيامَة؛ 
اَلْأَرْضُ تَمْشِي وَتَمْشِي حَافِيةً..
تُوَدِّعُ الشَّمْسَ الْحَزِينَةَ مِثْلِي
وَتَرْجُو فِي الْمَصِيفِ الرَّاعِشِ السَّلَامَة.
تَكُحُّ مِنْ تَعَبٍ وَبَرْدٍ.. تَكُحُّّ..
وَتَعْطِسُ دُوَلاً تَنَاثَرَتْ رَذَاذاً فِي الْفَضَاءْ   
 تَنْحَنِي مِثْلُ عَاهِراتٍ خَوْفاً لَا احْتِرَاما..
بَعْدَ قَليلٍ 
تَمُرُّ دَابَّةُ لَا تَرَاهَا الْعُيُونُ المُفَتَّحَةُ دَوَامَا..
أَمِيرَةُ الْخَوْفِ وَالْمْوْتِ أَمْ دَابَّةُ اللهِ أَلْقَاهَا!؟  
يَفِرُّ مِنْ طَرِيقِهَا الدَّرَكُ وَالْجُنُودُ 
وِالْمَخَافِرُ وَالْحَوَاجِزُ  وَالْحُدُودُ،
تَفِرُّ كَاسِحَاتُ الْأَلْغَامِ وَنَاطِحَاتُ السَّحَابِ 
وَالْكَنَائِسُ وَالْمَسَاجِدُ وَالسُّجُونُ..   
تَسْكُنُ الْحَدِيدَ وَالتُّرابَ وَالْهَوَاءْ..
تَعْبُرُ السُّهُولَ وَالْجِبالَ وَالْبِحَارَ..
هَاذِي عَوَاصِمُ الْعَالمِ طَأْطَاَتْ رُؤُوسَهَا 
وَصَاحَتْ: سَلَاماً سَلَاما..
هَلْ تَعْرِضُ تَاجَهَا فِي سَاحَةِ إِسْبَانيَا الشّهِيرَةِ
أَمْ فِي حَدِيقةِ الْأُمَرَاءْ؟
قَدْ تعْرِضُهُ تَحْتَ تِمْثَالِ الْعُبُودِيّةِ وَالْحَدِيدِ 
لِتَحْرِير الرِّقِّ الْجَديدِ ..
وَقَدْ تَعْرِضُهُ فِي قَاعَةِ الْأَفْرَاحِ الشَّهيرَةِ 
بِدَمَقْرَطَةِ النَّبِيذِ وَالنُّهُودِ.
وَقَدْ تَخْتارُ قَصْرَ الأُمَمِ المُنْفَرِدَةِ دَوْماً بِالشَّهِيدِ
 لِوَضْعِهِ مَكَانَ الْفِيتُو المُلَطَّخِ بِالدّمَاءْ..  
لِلتّاجِ أَشْوَاكٌ خَفِيَّةٌ
 كَأَنَّهَا لَوَالِبٌ ذَكِيَّةٌ مَلْسَاءْ.
 كُلُّ الْمُدُنِ تَبْحَثُ عَنْ أَحْذِيَةٍ،
وَلَا حِذاءَ لِامْرَأةٍ كَانَتْ تُسَمَّى فِي أَحْلَامِ هُوليُودَ الْمَاجَنْةِ نيُويُوركَ الرَّاقِصَة بِقَوائِمَ سَوْدَاءْ.
خَنَازيرٌ بَرِّيةٌ وَأُخْرَى ألِيفَةٌ
قِطَطٌ وَكِلابٌ وَجُرْذان
وَأَبْقَارٌ وَحَمِيرٌ وَخُيُولٌ 
بِمُخْتَلفِ الْأَعْمَارِ وَالْأَلْوَان..
تَدْخُلُ البَارَاتِ وَالْمَلَاهِي 
تَمْلَأُ كَراسِي المَطاعِمِ والْمَقَاهِي
وَتقْرَأُ جَرائِدَ الصَّباحِ وَالْمَسَاءْ..
قُطْعانُ الْغَنَمِ تَمْلَأُ مُدَرَّجَاتِ المَلَاعِبِ.. 
تَرْقُبُ مُبَارَاةٍ بِلَا لَاعِبِينَ وَلَا حَكَم.
فِي سَاحَةِ الشُّهَدَاءْ
يَصْرُخُ الدِّيكُ بِصَوْتِ الذِّئْبِ عَالِياً :
أَلَا يُوجَدُ بِهَذا الْكَوْكَبِ إِنْسَانْ!؟ 
وَفِي الْمَرَافِئِ الْمَفْجُوعَةِ بِالنَّبَإِ الْعَظِيم
تَتَجَمَّعُ النَّوَارِسُ لِتَبْدَأَ مَرَاسِيمُ الْعَزاءْ.
تَضْحَكُ السَّمَاءُ كَطِفْلَةٍ يَتِيمَةٍ مَلّتِ الشَّقَاء 
وَاسْتَراحَتْ مِنْ تَعَبٍ طَوِيلٍ 
وَمِنْ صُرَاخِ الْمَعَامِلِ وَهَدِيرِ الطَّائِرَات..
كَأَنَّ السَّماءَ عَادَتْ فِعْلاً إِلَى السَّمَاءْ..

العلمي الدريوش - المغرب

ليست هناك تعليقات: