الأربعاء، 27 مايو 2020

ج(التاسع) من قصة {{هنا مات وطني}} بقلم الكاتب القاصّ العراقي القدير الأستاذ{{مهند كريم التميمي}}

الفصل التاسع من قصة / هنا مات وطني !!

لم أكن أعلم يوماً بأن النرد سيدفعني إلى بيع ابنتي من أجل حصولي على  المال أو حتى أستطيع الجلوس أمام هولائك الأثرياء من أجل الفوز عليهم أو  حتى حصولي على كأساً من الخمر , أو وصل المطاف بي أن أراهن على مستقبل  أبنتي التي لا تتجاوز الأثنان و العشرون عاماً , أو عن مرض زوجتي المزمن  التي ضحت بعمرها من أجلي , أو عن أولادي الصغار الذين لا يعرفون من  التعليم شيءً , ما هذا الذي أوصلني إلى ذلك لكي أرتكب هذا الهراء , تباً  لي ماذا فعلتُ بنفسي و بعائلتي , أنا أستحق السجن , بل المؤبد , لا بل  الشنق حتى الموت , لا أعلم حتى الأن كيف كانت حياة أبنتي مع ذلك الرجل  المحتال صاحب صالة القمار و تاجر الأعضاء البشرية , أنا أعلمُ جيداً بأنه  مطلوب للكثيرين من تجار الممنوعات و الشرطة تبحثُ عنه في كل أنحاء البلاد ,  كيف سمحت لنفسي وتجرأت أن أزوج أبنتي له , يا إلهي ماذا أفعل بنفسي بدلاً  من هذا العذاب , وليس لدي القدرة على أخراج أبنتي من هذه الورطة , لا أعلم  الأن ما يعتريني من شعور , لكنني أتمنى الموت بدل هذا العذاب اللذي ينهش كل  شيءً بي , ما فائدة جلوسي هنا على مقعد الطائرة و ليس لي القدرة حتى أخراج  ابنتي من هذه الورطة , أقلعت الطائرة و الأفكار و المخاوف تداهمني لا شيء  يهمني سوى أني أجازف بكل شيء حتى أخلصها من هذا الكابوس وذلك الرجل بأقرب  وقت ممكن , أين سأجدها و كيف سيكون حالها , ها هي الطائرة تهبط الأن على ما  أظن بأننا قد وصلنا إلى المطار , ها أنا أخطوا بأتجاه صالة العودة أتمنى  أن أجد أحداً ليساعدني أو حتى يدلني على ابنتي , يجب علي أن أسأل ذلك  الشرطي , مرحباً أنا أسأل عن ابنتي أسمها (؟) تبلغ من العمر الأثنان و  العشرون , وصلني تبليغ من الشرطة يوم أمس , يقول بأنها موقوفة في بلدكم  بتهمة تهريب الممنوعات , لحظة سأتصل على مكتب المخدرات كي أسألهم , أجل  أنها محتجزة في قسم الممنوعات منذ البارحة ستحال ألى سجن النساء بعد نصف  ساعة تقريباً , كيف أستطيع رؤيتها أو الوصول إليها , لا تستطيع الآن حتى أن  تصل إلى سجن النساء , هل لك أن تكتب الي العنوان كي أذهب إليه , حسناً .  شكرا لك على مساعدتك لي , سأحاول الخروج من هنا لأستأجار تكسي كي يصلني إلى  هناك , مرحباً هل لك أن تذهب إلى ذلك العنوان , أجل تفضل , هل أنت ذاهب  لسجن النساء , اجل , ما الأمر , لقد تم القاء القبض على ابنتي ليلة البارحة  , ما السبب , وجدوا في حقيبتها البعض من الممنوعات , ها قد وصلنا إلى  بوابة السجن , شكراً لك على الأهتمام , على الرحب , مع السلامة , هل من  المعقول أن ابنتي ستكون نزيلة ذلك السجن الكبير , و تعيش بين تلك السيدات  الخارجات عن السلطة و القانون , صدقاً أنا لا أستوعب أو أصدق هذا الكم مما  أقترفت يداي , ماذا سأفعل , سأحاول السؤال , مرحباً , أنا أسأل عن ابنتي  (؟) تبلغ من العمر الأثنان و العشرون عاماً , أجلس على ذلك المقعد حتى أعود  إليك , جلستُ و أنا أنتظر ما بين حيرة و خوف على كل ما يجري و عن كيف  ستكون ابنتي وديعة تلك الزنزانات التي تحتوي على الكثير من السيدات  المحترفات بالقتل و السلب و السرقة , و بعد مرور من الوقت جاء الشرطي  يسألني من أنت و كيف علمت بأنها ستأتي هنا , لقد نزلت في المطار و سألتهم  هناك ثم قالوا بأنهم سينقلونها هنا , ماذا تريد أن تعرف عنها , أود رؤيتها و  التحدث إليها أرجوك , يوم غداً صباحاً ستحال إلى قسم الجرائم و الممنوعات  هناك سيسمحون لك برؤيتها , وكيف السبيل للوصول لذلك العنوان , لحظة سأكتب  لك العنوان , شكرا لك , و في اليوم التالي ذهبتُ ألى ذلك العنوان اللذي  دونه لي ذلك الشرطي , مرحباً , أنا أسأل عن ابنتي (؟) تبلغ من العمر  الأثنان و العشرون عاماً , أجل هي هنا , هل لي بمقابلتها , أجل سندخلك على  ضابط التحقيق كي تراها , شكرا لك , مرحباً , أنا أب (؟) , تفضل أجلس ,  شكراً لك , ماذا تعرف عن ابنتك , منذ تسعة أشهر تزوجت ابنتي من رجل في سن  الستون عاما و هو أحد تجار السوق الكبير الكائن في بلدتنا , بماذا يتاجر ,  لا أعلم حقيقةً لكنني أعلم بأنه تاجر فقط , عليك أن تساعدنا أن كنت تعلم  شيء عن زوجها وتجارته , صدقاً لا أعرف شيءً غير ذلك , كيف كانت حياتهم  الزوجية , على حسب علمي جيدة جداً لكن منذ يوم زواجهما لم تأتي لزيارتنا  إلا بعد مرور السبع أو الثمان شهور , لماذا , لا أعلم , قد تكون سعيدةً أو  ربما كثيرة السفر معه كما كان يقول لي , هل جلستم يوماً بعد زواجه من أبنتك  , كلا لم أراه حتى الأن , إلا تعتقد بأن الأمر لا يصدق و أنه أمر عجيب و  غير معقول بالفعل أو أن ردودك غير منطقية , ماذا أقول له , هل أقول له أنني  السبب بما حصل لأبنتي , و أن زوجها الحقير يكون تاجر بالممنوعات و الأعضاء  البشرية , أو أقول أنا الذي زوجتها قصراً كي أحصل على المال لشرب الخمر و  لعب القمار , يا ألهي ماهذه الورطة التي أوقعت بها نفسي بسبب شهواتي  وأفعالي الدنيئة , هل تفكر بشيء , كلا أنا أحتاج إلى شرب الماء , أجلبوا له  الماء , هل تود رؤية أبنتك , أجل , أجل , بكل تأكيد , و هل ستخبرها بأنك  جئتُ من أجلها , أجل أنا جئتُ من أجلها كي أخرجها من هنا , هل جربت أن  تزورها يوماً في بيت زوجها , كلا , لماذا , كنت مشغولً في عملي , ماذا تعمل  , في مصنع دباغة الجلود , هل لك أصدقاء , ليس بكثيرين , و هل تخرج بصحبتهم  لأحتساء القهوة أو أكل الفطائر , كلا , حسناً , أيها الشرطي أجلبوا لي  الفتاة , و بعد مرور من الوقت دخلت علينا (؟) كانت مكبلة بالقيود برفقتها  شرطيتان , كانوا يمسكون ذراعيها يميناً و شمالاً حينها أنهرت على الكرسي لم  أتخيل يوماً بأن ابنتي الوحيدة ستكون بهذه الحال أبداً حينها حاولت الوقوف  و لم أستطع أو حتى تسندني قدماي سقطتُ على الكرسي ثم حاولت الوقوف مجدداً و  كان جسدي يرتعش من شدة الهلع و الصدمة , كانت تبكي و تصرخ بشدة أبي لماذا  فعلت بي كل هذا , ماذا فعلت لك , أرجوكم أبعدوه عني لا أود رؤيته أبداً ,  حينها حاولتُ التقرب منها كي أهدئها و كانت ترفض أقتراب منها , حاولتُ  مجدداً لكن لم أستطع من شدة أنفعالها و بكائها و صراخها الشديد أمام أفراد  التحقيق , حينها حاولت الجلوس على الكرسي كي أبعد عني جميع الشكوك و  الشبهات التي تورطت بها ابنتي , و فجأه قال رئيس قسم التحقيق لم يعد هناك  وقت كافي لأستكمال التحقيق أرسلوها إلى السجن و عودوا بها يوم غدا في  الصباح الباكر , و أنت أذهب و عد في الصباح الباكر , شكراً لك , و عند  خروجي من السجن لا أعلم أين سأذهب , حينها أستأجرت تكسي لأقرب فندق في  البلدة , و عند وصولي حاولت الأسترخاء كي أستطيع لملمة شتات فكري و السيطرة  على نفسي أمام ذلك المحقق و بتحديقه الدائم بي وبنظراته التي رافقتني  طيلت المقابلة , بالأتهامات و الأستفزاز و علامات الأستفهام بكل لحظة  سأحاول أن أخلد إلى النوم وفي الصباح الباكر سأعاود الذهاب ..
بقلم الكاتب / مهند كريم التميمي !!

ليست هناك تعليقات: