الخميس، 28 مايو 2020

ج (العاشر) من قصة {{هنا مات وطني}} بقلم الكاتب القاصّ العراقي القدير الأستاذ{{مهند كريم التميمي}}

الفصل العاشر من قصة / هنا مات وطني ..

لا أستطيع النوم أو حتى أن تغمض عيناي هاهي نار الشك تقلبني على جنبي المقرح بالأحتراق تحفر بي أخاديد عميقة من خوف تساورني وتقض مضجعي صخرةً صماء , أو ككابوسً قابع على صدري يبعثني على الأختناق أن ضميري براثنه تمزق عقلي وتنهشه , هل من أحد لأجلس معه مدة من الوقت كي أحدثه عن الذي أشعر به الآن , هل من أحد أقول له أن ضميري يكاد أن يخنقني , لا بل هو مازال يزيد أصراراً على تعذيبي ثم نهش فكري بدل قتلي كي يريحني من هذا العذاب الذي أشعر به هذا الوقت , أصبحتُ أعيش دور ذلك الذي أرتكب جريمةً في حق الأنسانية أجمع و بات يخاف حتى من ظله الفارغ , أتقلب على سريري يميناً و شمالاً عسى أن تسرقني غفوة كي يهدأ فكري من ضجيج ذلك التأنيب المميت , سأرى كم الساعة الأن عسى أن يحل الفجر فوالله لم يعد فكري و كلي صالح لأي شيء , أوف , الحادية عشر ليلاً هذا هراء , كأن الساعة لا تود أن  تمضي مسرعةً هذا اليوم , كأنهم متفقين علي لينهشُ ما ينهشوه مني ليجعلونني أتذوق القليل من طعم المرار الذي أذقته لتلك الوديعة المسكينة التي لا أعلم عنها شيءً , هل قدموا لها شراباً , طعاماً , هل هي نائمه أم زال يقضمها الانفعال مني , هل تقف بباب زنزانتها ترفع أكفها تتضرع إلى الله لكي ينتقم مني , يا إلهي أدركني أرجوك فليس لي القدرة على تحمل هذا الكم الهائل من التأنيب , سأقوم أصنع لي بعض القهوة , لا , لا تجدي نفعا و أنا أعيش بهذة الحرب النفسية القاتلة ما بين فر و كر , سأغير ثيابي كي أخرج من هذه الغرفة اللعينة التي كلما نظرتُ إلى سقفها و جدرانها شعرتُ بأنها تطبق من حولي شيءً فشيءً كأنها تود أن تشعرني بأني أعيشُ داخل جدران قبراً قديم , كجثة هامدة , مفزوعةً , مرعوبة , على روحها التي تتعذب بصورةً مخيفة بالقرب منها , لا أستطيع البقاء أكثر سأقوم لأتنفس بعض الهواء أكاد أن أختنق , نهضتُ مسرعاً ثم غيرت ثيابي على عجل ثم قمت بالخروج من غرفتي متجهاً إلى سلم الفندق ثم إلى الشارع , وقفت أمام الفندق أتلفت يميناً و شمالاً لا أعلم أين أذهب كأني فاقد العقل و البصر أتجهتُ شمالاً أتخطى بين الشوارع و الأزقة أشبهُ برجل متسول يبحثُ عن ملاذاً أو حتى جحراً صغير كي يستطيع الأستقرار به , سأمتُ من نفسي , و من جسدي , و من ثيابي و من شدة هذا العذاب الأليم الذي ينتشر بكامل أعضاء جسدي , حدقتُ ألى ساعتي اليدوية و هي قرابة الثانية عشر ليلاً حينها غضبتُ بشدة حتى خلعتها من يدي ثم رميتها أرضً ثم سحقتها بكعب حذائي مراراً و تكراراً حتى تبعثر كل شيءً بها , حينها جلستُ على رصيف الطريق غارق باللوم و البكاء حتى داهمني الأعياء و التعب و النعاس و لم أشعر حينها إلا برجل يقف بالقرب مني صاحب شيبة بيضاء يتكأ على عصى و هو يقول لا ترهق نفسك هذا جزاء ما فعلتهُ في حياتك ثم أختفى فجأه , حينها نظرت من حولي وإذ بي غافيا على جانب الطريق دون شعور , ها هي الشمس تشرق و لم يبقى لي سوى ساعات قليلة للذهاب إلى مكتب التحقيقات سأعود إلى الفندق كي أغير ثيابي التي تمتلئ بالروائح الكريهة و الأتربة , ها أنا أدخل إلى الفندق , صباح الخير , صباح النور , كم هي الساعة الأن , السادسة صباحاً شكراً لك , حينها توجهتُ إلى سلم الطابق حتى وصلت إلى باب غرفتي فتحت الباب دخلت خلعت ثيابي ثم دخلت إلى الحمام ثم خرجتُ أرتديت ثيابي ثم جلستُ على الكرسي مترقباً عقارب الساعة , و بعد مروراً من الوقت خرجتُ من الفندق متجهاً إلى مكتب التحقيقات كي أصل في الموعد المناسب و بعد وصولي , جلستُ في صالة الأنتظار حتى يأذن لي بالدخول على ذلك المحقق و أنا متردد كيف سأجلس أمامه و هو يجلدني بنظراته القاسيه المفترسة , الخوف يسيطر علي و الشكوك تعجُ بكل ركن من أركان رأسي , و بعد مرور من الوقت نادى الشرطي من مع السجينة (؟) قلتُ أنا , قال تعال بسرعة , حينها دخلنا سويةً إلى مكتب التحقيقات و كان المحقق غاضباً جداً و ينظر لي بنظراتهُ الأستفزازية , كأنه يود أن ينتزع جلدي من على جسدي , بقيتُ بحيرةٍ من أمري أفكر هل هو غاضباً مني أم أن هناك أحداً أغضبهُ قبل وصولي , جلستُ و أنا كلي خيبة و ندم أفكر كيف سيمر هذا اليوم بسلام , قال كيف حالك , أجبتُ بخير , قال كيف كانت ليلتك , أجبتُ لا بأس بها , قال هل لنا أن نبدأ , أجبته بنعم , قال حدثني عنك , أجبتهُ قائلاً أنا فلان أبن فلان أبن فلان أسكن في بلدة تدعى (؟) و هي بالجانب الغربي من مدينة (؟) أبلغ من العمر التسعة و الأربعون عاماً أعمل في مصنع الجلود منذ سنين طوال لدي بنت في عمر الأثنان و العشرون و لي ولدان أيضاً الأول يبلغ من العمر الثامنة عشرة و الثاني الثانية عشرة من عمرة , قال هل أنت أرمل , أجبتُ بلا , قال أين زوجتك , قلتُ موجودة , قال لما لا تذكرها , قلتُ لا أعلم , قال كيف حياتك الزوجية , قلت لا بأس بها , قال ماذا تقصد لا بأس بها , قلتُ نحن نعيش كما يعيش أي زوجان , قال هل تحبها , طأطأت رأسي حينها و لم أرد على سؤاله , قال ما أمرك , قلتُ لا شيء , قال هل تحبها , حينها لا أعلم ما جرى لي كأن الوقت عاد إلى الوراء قليلاً كي يتحول أمامي على شكل سيناريو فلمي بتصوير قديم , كيف تكون حالتي حينما كنت أعود إلى المنزل و أنا أترنح من شدة السكر , و كيف كنت أعاملها بقسوة و كيف كنت أضربها  و أطلب منها النقود حينها , قال ما بك , قلتُ هل لي أن أرى ابنتي , قال نحن لم نختم حديثنا بعد , ألتزمت الصمت حينها , قال هل تحبها , قلت لا أعلم , حينها غضب من جوابي له , ثم قام من الكرسي ثم ضرب بيده على الطاولة بشدة قائلاً , لم أرى أنساناً أقبح منك طوال حياتي , ثم ركل الطاولة بقدمة ثم تركني وغادر الغرفة ..
بقلم الكاتب / مهند كريم التميمي !!

ليست هناك تعليقات: