دموع أمي
كنت أعمل في محل العجوز، أساعده في إصلاح المفاتيح و الأقفال، كي أتقاضى مبلغا زهيدا كل أسبوع.
في يوم من أيام الشتاء الملبدة بالغيوم، المنذرة بيوم بارد و قاسي،
خرجت من المنزل صباحاً، و كالعادة إلى منزل العجوز،
في باب المحل إستوقفني..
قال لي :
لم أعد بحاجة إليك، خذ ما بقي لم من مبلغ الأسبوع.
شعرت حينها أن الأرض تدور من حولي أن نفسي تصعد الفضاء، اختنقت، ارتبكت، رجعت إلى البيت، لأجد أمي تعجن الدقيق، من أجل رغيف العيش، جلست بجانبها و أنا محبط، حزين.
نظرت إلي، وكأنها شعرت بشيء.
ثم قالت لي :
لماذا رجعت اليوم باكرا يا بني؟
نظرت إليها في تشاؤم و خيبة
وقلت:
لقد طردني العجوز صاحب المحل.
إستطردت في الكلام، لاتحزن يا بني ستجد شيئا آخر تعمل فيه، ليس بيديه الأرزاق،
أخذت تحاول أن تبعث الأمل في قلبي، بكلمات كلها عطف و حنان.
و أنا استمع إليها، شرد ذهني، نحو واقع المدينة الفقيرة، التي لا عمل فيها و لا أمل
و على حين بغتة سرقت نظرة نحو وجهي أمي، لأجدها تحاول أن تخفي عني دموعها الغالية، كي لا أضعف و أهزم.
هذا الموقف ظل يلازمني طوال رحلة حياتي، كلما أتذكره، تختلط علي الأشياء، أرتبك، اتيه في نفسي،
إنها دموع الأم ،
إنها دموع العطف و الحنان،
إنها الدموع الصادقة التي لا تخون،
رفقا بامهاتكم، رفقا بضفة الحنان.
هشام صالح
المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق