الأحد، 30 أغسطس 2020

مقال تحت عنوان {{لماذا نكتب}} بقلم الكاتبة العراقية القديرة الأستاذة{{نادية محمد}}

لماذا نكتب
ولما تلك الكلمات التي نكتبها بصمت تبدو أجمل وأصدق من تلك التي نعبر بها بصوتنا لغيرنا 
لماذا عند الألم تغدر بنا الكلمات وكأنها تعتزل عن تكملة سطورنا أحتجاجاً علينا وليس لنا لما هي دائما أنانية ولا تكون حاضرة بوقت الحاجة لها وكأنها تأخذ دور الضيف المميز الدقيق في مواعيده لا يفترض به الحضور في غير الوقت المحدد وطبعاً ذلك الوقت الذي يحدده هو وليس نحن 
ونحن لا نمتلك الحق في تقرير الوقت ولا المكان فقط علينا أن نكون حاضرين لأستقبال تلك الكلمات بكل معانيها المبهمة والغامضة عندما تقرر هي الحضور الى خواطرنا لكي نستلم مهمة فك رموزها وتأملها بكل جوارحنا الى أن نتمكن من ترتيبها وسطرها بطريقة التي تناسبها وهكذا نحن نتحرر منها عندما نقيدها بالحبر الأسود ونأسرها على الأوراق البيضاء ثم يصبح الحكم بيد قلوبنا هل نبقيها سجينة ونحتفظ بها الى أشعار أخر أم بكل بساطة نحرقها وننفذ بها حكم الإعدام ونرسلها حيث لا عودة وفجاء تتدخل عقولنا نافية أصدار الحكم وكيف لا تنفيه وهي تدرك كم المعاناة وحجم الألام التي واجهتها بسبيل السيطرة على تلك الحروف والكلمات المتمردة التي قيدت مشاعرنا وعثت في حياتنا الدمار وأفسدت ما كان ليكون جميل قد يبدو التناقض والصراع بين عقولنا وقلوبنا واضحاً ومستمراً باستمرار الحياة وليس هناك ما يجمعهم غير التعب والألم فهم مختلفين بأدق التفاصيل إلا أنهم يكملون بعضهم بطريقة ما وبذلك الاختلاف والتكامل الشاذ من نوعه نحن نعيش ونستمر الى  أن يقرر أحدهما الأستسلام ويتوقف عن الهذيان بما يريد ويتوقف عن ألقاء الأوامر وفرض رأيه متجاهلاً رأي عدوه وشبيهُ وتوأمه الشاذ يستسلم معلناً التوقف عن محاولة فرض السيطرة وليتوقف معه كل شيء بما فيها الحياة وصراعها الدائم ويتوقف كل شيء وتصل الحكاية الى نهايتها النهاية التي يختصرها تاريخاً مطبوع بذلك الحبر الأسود الذي يقيد ذات تلك الكلمات المتمردة وتأسرها الورقة البيضاء نفسها ذلك التاريخ الذي أعلن فيه أحد الخصمين الهزيمة وأعلن الأخر النصر مع أن تلك الحرب السخيفة و التي تلمسها الهستيرية بين الحين والأخر لا نصر ولا هزيمة فيها هي مجرد حرب تندلع لأتفه الأسباب وتنطفي بعد ثورة مشاعر لا تخلف بعدها سوى رماداً وجمر نيران أحرقت أبسط أنواع الراحة والطمأنينة وينتهي الخصمين بالتعب والأعياء باحثين عن الهدوء وأسباب أخرى لبدء جولة أخرى من تلك الحرب الغبية فهذا ما يجيدانه ولهذا هما لا يتوقفا عن العمل حتى الموت ربما همها أحد جنوده يعذبان صاحبهما ويتعباها حتى يتمكن الموت منه بسهولة  ما أغربها وما أغرب الحياة بتفاصيلها وما أغربنا نحن الذي نعيش بين هؤلاء الثلاثة من البداية حتى تحين نهايتنا شاهدين على كل ما يفعلانه بنا ونصمت مستسلمين راضين بما يجري وكل واحدً منهما يعبث بنا بطريقته يجرونه الى طريق مسدود لا نجرؤ فيه على أتخاذ القرار حائرين ومتعبون تاركين مصيرنا بيد تلك الكلمة بيد الزمان عسى مع مرور الأيام وتغيير الوقت بين الحين والأخر وربما بتغير المواسم أيضا عسى أن يغير الزمان أقدارنا نقول تلك الكلمات ونحن بأضعف وأصعب لحظات حياتنا متجاهلين الخصمين وصراعهما والحياة وخبثها والأقدار وغموضها معنا متمسكين بكلمة الزمان التي هي مجرد مصطلحاً لغوي نعبر به عن مرور الأيام معنا،،

نادية محمد 
العراق،،،

ليست هناك تعليقات: