رواية
أبواب لاتؤصد
الجزء الثامن
في صباح اليوم التالي
دخلت حنان قسم الحسابات ، سلمت على الجميع ، غياب الاستاذ محمد طال ، جلست على مكتبها وباشرت عملها ، لاحظت نظرات
قيس الغير مريحة لها ، رفعت عينيها عدت مرات بإتجاه زميلها قيس ، كانت نظراته مريبة ، هذا الامر اربكها كثيرآ ، مما دفعها
لتطلب من سلمى ان تحدثها خارج الغرفة لأمر مهم ، وافقت سلمى وخرجت معها للخارج ، مابك ياحنان مالذي يشغلك .. ؟
ياسلمى منذ ان دخلت للقسم اليوم ونظرات الاستاذ قيس لاتعجبني ، وكأنه يود ان يأكلني بتلك النظرات .
آه ياصديقتي العزيزة
هو رجل سكير ومقامر ، ولذلك تطلقت منه زوجته ، حاولي ان لاتحتكي معه وإبتدعي
عنه قدر المستطاع ، لكن انا لاعلاقة لي فيه
مجرد زميل يشاطرني تلك الغرفة .
أجل وهو كذلك ، قد يكون تأثير الخمر مازال يؤثر عليه ، هو مدمن ويحتسي الخمر كل ليلة ، حاولي احتواءه بالتغاضي
والابتعاد ياحنان ، نعم سأفعل أشكرك ياصديقتي .
قيس يلاحق حنان بنظرات حقيرة ، وحنان
بدا الامر يزعجها كثيرآ ، وعلى حين غرة ، نهضت من مكتبها وصرخت بوجهه ، وبخته
وتحدثت معه بإسلوب جاف ، قيس رد عليها بالمثل ، تصاعدت وتيرة حديثهما وارتفع صوتهما ، الى ان حضر المدير العام شخصيآ بعد ان ابلغه سكرتيره بالامر .
حول السيد المدير قيس للتحقيق وطلب من كل موظفي قسم الحسابات للإدلاء بشهادتهم ، بعد ان إكتمل التحقيق وكشفت اللجنة التحقيقة ملابسات القضية .
تم توجيه عقوبة إدارية نقل على اثرها الاستاذ قيس لاحد فروع المؤسسة بالاقضية والنواحي التابعة لها .
وتذمر السيد المدير من غياب الاستاذ محمد ، مما دفعه للإتصال بالاستاذ محمد عن طريق الموبايل ليقطع إجازته ومباشرة عمله ، اتصال السيد المدير كان بحضور اعضاء اللجنة التحقيقة وزملائه بقسم الحسابات .
هذا الامر جعل حنان تشعر بالسعادة والرضا ، لأنها تمكنت من ردع ذلك السكير وعودة مديرها المباشر الاستاذ محمد .
عاد الجميع لأقسامهم ليزاولو أعمالهم ،
بعد ان دخلوا لقسمها ، همست سلمى بأذن حنان ، لم اكن اعلم بأنك قوية لهذا الحد
وقرأت حروف سعادتك بعودة الاستاذ محمد من ملامحك .
ضحكت حنان بضحكة لأيمة وصامتة ، نعم انا دائمآ احقق على كل ماأريده .
بعد خمس دقائق دخل الاستاذ قيس وكان متجهم الوجه ، أخذ كل مايخصه من ذلك المكتب الذي كان يشغله ، ودع ليث وسلمى ونظر بنظرة حقد كبير لحنان ، فأشرات له بكف يدها الايمن وحركت أصابعها بحركات
متتالية تشير له بالوداع ، تلك الحركة كانت كافية لأن يخرج بسرعة كبيرة من دون ان ينظر ورائه .
بعد إنتهاء الدوام خرجتا سلمى وحنان معا ،
وبادرت حنان بسؤال أربك سلمى .. ؟
بالأمس قلت لك سأذهب لكي لاتتأخري على زوجك ، شعرت حينها وكأن جبل من حزن جثا فوق صدرك ، اليست انا اختك ، مابك حدثيني عن همومك عزيزتي .
سلمى تغير لونها ، صمتت ودخلت مدن الأحزان من أوسع ابوابها ، تنهدت بعمق
شديد ، عن أي شيء احدثك .. ؟
عن عمر رحل ربيعه ، عن شباب وئد وباقة الياسمين بيمينه ، عن لحد دخلته وانا مازلت صبية ، معول العادات والتقاليد والاعراف النتنة حفر قبري وأخاط لي كفني وانا العب مع اقراني ، عن شيب إجتاح شعري وكل اصباغ العالم لاتغيره .
عن ظفيرتي الذهبية التي كذلتها يد الأقدار بخبث .
ماكل هذا الحزن ياسلمى ، وكأن بحور الحزن كلها قد صبت فوق رأسك .
نعم ياصديقتي
بحور الأحزان أغرقت سعادتي وأزهقت أنفاسي .
يتبع
الكاتب
جاسم الشهواني
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق