السبت، 7 نوفمبر 2020

قصة قصيرة تحت عنوان {{همسات الصمت}} بقلم الكاتبة المصرية القديرة الأستاذة{{عبير جلال}}


 

همسات الصمت،،،،

تلك الهمسات تتردد لمسامعي وأنا

في صمت تام وكأنه حديث قائم 

بيني وبين من ذاتي،،

ماذا أصابك ياشمعة الحب،،،

لماذا إنطفء شعاعك،،،

ماذا أصابك ياعطر الحب،،

أين ذهب عطرك،،،

أين ذهب رونقك يامرآة الحب،،

أين ذهبتي وتركتيني بمفردي

إنها ذاتي تسألني،،،،،،

أنظر حولي،،، أتطلع أمامي لعلى أري

من يحادثني،،،

إنها خيالات تراودني كل حين،،،،

وكأني لي قرين يحادثني في كل حين،،

لحظات صمت ،،وعيون شاردة

ونظرات للسماء بلاهدف،،

وتأملات في المجهول تأخذ ليالي كثيرة من حياتي ،،،

أشعر وكأن سرا دفين يسري في عروقي،،ولكني لاأعلمه،،،

أشعر وكأن شيء ما إستوطنني،،،

ولكني لا أفهه،،،

وكأن جبال شاهقة من الشوق والحنين بداخلي ولكني لا أعلم لماذا هذه المشاعر تنتابني،،،

ليالي كثيرة تمر بي وبكائي صديق ليلي ودموعي تنسدل على وسادتي،،

قلعة بداخلي شيدت من الأحزان محصنة بصراخات مكتومة ،،وأهات

تشق جدار الصمت ،،

ماذا أصاب جسدي ,،أصبح عليل هزيل لايقوى على الحركة كثيرا،،، 

أنظر لذلك الباب الموصد أمامي بكل شوق،، أتمنى أن يفتح،،

وأقول لنفسي لماذا الأغلاق الدائم لهذا الباب،،أشتاق للنظر خلفه،،

بعض الرؤى تتراقص أمام عيوني وكأنها تطالب ببعض الأحلام،،

في يوم من الأيام ،،،

فتح الباب ودخل شخص ملفت للنظر يرتدي بالطو أبيض،،ويمسك بيده سماعة طبية،،

شاب جميل الطلة ،،راقي الملبس ،باسم الوجه،، ذات عيون تشع أمل،،

دخل مبتسما ،،،وألقى تحية الصباح،،،

نظرت له وأمأت برأسي،،

وقلت أنا في أحسن حال،،،

شعور غريب نما في أحشائي تجاه هذا الزائر،، ولكني لم أستطيع تفسيره،،

إنتظرت قليلا،،وسألته،،

من أنت،،،

إبتسم أنا طبيبك المعالج،،

قلت له،،طبيبي المعالج ،،

علامات إستفهام كثيرة إنتابتني،،،

لماذا تعالجني،،ماذا أصابني،،

حاولت. التحرك في فراشي ولكن أهات رهيبة إنطلقت مني،،، نتيجة ألآم متفرقة في كل أنحاء جسدي العليل،،،

ماذا حدث،،أشعر وكأن ضلوعي وقد تهشمت،، لاأقوى على النهوض من فراشي،،

ماذا حدث أيها الطبيب،،

ماذا أصاب قدماي لاأقوى على تحريكهم،،،

هنا،،وضح كل شئ،،،

تلك الصدمة الرهيبة التي إجتاحتني وأصابتني كزلزال إقتلع كل ما بداخلي من تساؤلات،،،

أجابني الدكتور،،،،

لقد أصبتي من ثلاث شهور في حادث مروري ،،وكانت إصابتك بالغة ،،تعرضتي لإصابات في كل أنحاء جسدك،، وأصبت بكسور مضاعفة في قدمك،،وكانت الإصابة شديدة بالرأس أفقدتك الذاكرة مؤقتا,،

هنا ساد الصمت الرهيب الحجرة،،،

ونظرت حولي أحاول أن أكذب ماأسمعه,حاولت الصراخ ولكن أين ذهب صوتي،،لم أقوى على الصراخ

فقد إنتابتني عاصفة من البكاء الشديد،،

وهكذا إنفصلت عن عالمي ولاأتذكر منه أي شئ،،

أهكذا لا أعلم جذوري لاأعلم من أنا،،

أين أهلي وأصدقائي،أم أنا وحيدة في عالمي،،

إبتسم وقال،،،

أنت وحيدة من قال ذلك،،

أسرتك وأحبائك وأصدقائك لم يتركوك لحظة،منذ حدوث الحادثة،،،

وخطيبك ملازم لك هنا ودائم التواجد ليل نهار معك يقوم على رعايتك،،

الحمد الله لقد تحسنت حالتك الصحية كثيرا في خلال مدة العلاج 

إبتسمت وقلت،،واضح فعلا التحسن،،بدليل أني لا أقوى على الحركة،ولاأتذكر أي شئ من حياتي،،،

قال لي طببي المعالج،،،

لا تقنتي من رحمة الله

الحمد الله لقد أفقت من غيبوبة إستمرت مدة طويلة،،وتقبلتي العلاج وتتقدمين في الإستجابة للشفاء بدرجات مرتفعة جدا، ،وأنت الأن تتحدثين معي،،و مع العلاج سوف تتحسن حالتك أكثر وأكثر،،،

لا تسبقي الأحداث، الشفاء قريب بإذن الله

لعل الأيام تخفي عنك خبر سار سيأتي لك في القريب العاجل،،،

الأن أتركك لفتيات التمريض ليقومن بنقلك لغرفة جديدة،،لنبدا مشوار العلاج الطبيعي،،،

حمد الله على سلامتك تمسك بإيمانك وبقدرة الله على شفائك،،

مرحلة صعبة وسوف تزول،،، وتعودي لصحتك قريبا،،

تركني ورحل،،،

وساد الصمت مرة أخرى حوالي،،

وهاجمتني أسئلة كثيرة،،

من أنا من أكون من أهلي من هو خطيبي،،،

كيف تستمر الحياة وأنا لاأقوى على الحركة،،ولا أتذكر عن حياتي أي شئ،،،

مر بعض الوقت ودق الباب ودخل تلاث ممرضات تعلو شفاههن إبتسامة وعيونهن باسمة لقد شعرت بأن الأمل جاء معهن،،،

تحدثن معي وكان حديثهن شيق جدا وكلماتهن تبث الأمل حولي،،

قاموا بواجبهن التمريضي تجاهي وتم نقلي لحجرة جديدة ،،

لابدأ مرحلة العلاج الطبيعي،،،

إستأذنوا وتركوني وحيدة في غرفتي،،،،

نظرت من نافذتي للسماء فإذا بظلام دامس،،قلت أين ذهبت ذاكرتي خلف هذا الظلام،،،

إنتابتني عاصفة من البكاء على عدم إستطاعتي الحركة من مكاني،،

فإذا بالأمطار تتساقط قطرات على نافذتي،ويتسرب شعور بالهدوء لنفسي،،،

مضى وقت لا أعلمه،،فإذا بالباب يفتح ويدخل منه شاب مشرق الوجه تعتلي الضحكة المشرقة وجهه،،يتقدم نحوي ويقبلني على جبيني ويقول حمد الله على سلامتك ياعمري،،

نظرت بإستغراب له،وسألت من أنت،،

أجابني أنا وسام خطيبك ياحبيبتي،،

نظرت له بتمعن وكأن نظراتي تخترقه،،،إبتسمت إبتسامة وكأني لا أملك حق الإبتسامة،،،

جلس بجانبي وأمسك بيدي وقبلها وبدأ الحديث معي عن ذكرياتنا معا ليحاول أن يذكرني،،

إكتشفت من حديثه أنه طيلة الثلاث شهور لم يفارقني لحظة،،

وكل يوم كان يجلس معي وأنا في الغيبوبه يحدثني ويقرأ لي بعض الكتب التي أحب قرآءتها،،،

مرت ساعات وهو بجواري يحدثني عن عائلتي أخوتي ووالدي ووالدتي وأصدقائنا، ووصف لي كيف حدثت الحادثة،كم كانت رهيبة وكم كانت إصابتي بالغة،وكم كان إهتمام الأطباء بحالتي،

كان يتحدث وأشعر بأمواج بداخل رأسي ،وكأن تفاعلات تختلط بداخلي،،وكأني جبال تتحرك بداخل عقلي تحدث صداع رهيب،،،

سكت برهة ،وقال أعذرني حبيبتي لكثرة حديثي،،فانا حتى هذه اللحظة لا أصدقك إنك معي تستمعي لحديثي ويدك في يدي وتنظرين لي بعيونك الساحرة،،

ضحكت ضحكة خرجت بصوت عالي بعض الشئ،هنا قفز من مكانه وقال هاهى هبه حبيبتي قد عادت،

إنها ضحتك الجميلة التي تنعش حياتي،،،

أخيرا عرفت أسمي،

قلت له إنتظر أنا أسمي هبه،،؟

أجابني نعم ياأجمل وأرق هبة في الكون،،،،

ضحكت هذه المرة ضحكة يملؤها بعض الأمل،،،

دق الباب ودخل طبيب العلاج الطبيعي،لأبدأ مرحلة العلاج،،

تركني وسام بعد ان قبلني في جبيني وتمنى لي الشفاء،

وقال حبيبتي أنتظر في الخارج لحين إنتهاء جلسة العلاج،،

وبدأت مرحلة العذاب وكم هائل من الألم ،،كل يوم مرحلة من الألم في جلسة العلاج الطبيعي،،،

خلال فترة علاجي تواجدت معي أسرتي وأخواتي وكان لهم أثر كبير في تقدمي في الشفاء،

عرفت فيما بعد أني إبنة وحيدة و ثلاث أخوة،وأنا الأبنه الصغرى

وكم كنت محبوبة من الكل وأن وسام أبن عمي تقدم لخطبتي بعد ان اتممت دراستي الجامعية ،لقد حصلت على ليسانس حقوق،وكنت في فترة التدريب حين وقعت الحادثة،،فقد تقدم لخطبتي بعد قصة حب من الطفولة،،

هنا فسرت حبه الجارف لي،وإهتمامه البالغ لي،، وسام يعمل مهندس ديكور ولديه مكتب هندسي،،ترك عمله وظل بجواري،،

كنت في لحظات وحدتي أشعر بمشاعر وكأنها أمواج بحر بداخل قلبي،أشعر بحنين له في لحظات غيابه،ولم أستطع تفسيري لهذه المشاعر بما إني فاقدة للذاكرة،،،

مرت مدة طويلة من العلاج لا بأس بها وبدأت أتجول في حجرتي على كرسي متحرك وبعد فترة بدأت أستعمل العكازات لمساعدتي في الحركة وتتطورت مرحلةالشفاء وبدأت إستعمالي المشاية ،،

ممرت أسابيع والتحسن يزاد يوم بعد يوم،،وأسرتي تحفني بكل رعاية وإهتمام،،

كانت السعادة كل يوم تقترب مني،،

وبدأت الكأبة تبتعد عني تاركة بعض الذكريات الأليمة تعود مع بعض الألآم البسيطة المتبقية،،

لاأنكر كانت علاقتي بوسام خطيبي علاقة جميلة جدا ،ولكن مايؤرقني أني لم أتذكر أي شئ عن حياتي الماضية،،،،

تعلقت به بسبب حبه وخوفه وإهتمامه وتعلقه بي،،،

وشعرت بإحساس انه مخلص جدا في مشاعره،،،

مرت شهور وأنا في المستشفى،وكل يوم حالتي في تقدم،،،

وجاء يوم خروجي ورجوعي لأسرتي ومنزلي،،،

كم كان يوم رائع بالنسبة لي،،،

كم هائل من الأصدقاء وأفرد أسرتي

كانوا في إستقبالي في حفل كبير جدا،،

كم من الهدايا الرائعة أهدت لي بمناسبة شفائي،،

كان يوما غاية في الروعة،،أسرتي معي وأصدقائي بجواري،

وخطيبي وسام يشملني بحبه وحنانه،،كم هو إنسان رائع،،،

وجاء الليل وأسدل الظلام ستائره،

وجلست وحيدة في حجرتي،،،

أسأل نفسي كيف تستمر حياتي وأنا بلا ذاكرة،،،

هل من المعقول أن تذهب سنين عمري الماضية لوادي سحيق من المجهول لا أعرف عنه أي شئ ولا أتذكر حتى طفولتي،،،

لقد قال لي طبيبي النفسي،أن الذاكرة سوف تعود تدريجيا مع العلاج وجلسات العلاج النفسي،

ولكن متى تعود لا يعلم أنه شئ في علم الغيب،،،

داعب النوم جفوني وذهبت في نوم عميق،،فإذا بي أرى في منامي طفل جميل يعطيني نجمة مشعة بألوان قوس قزح الجميلة،،،

وإبتسم إبتسامة كلها صفاء،،،

وقال،،،لاتقنتي من رحمه الله،،،

القادم أجمل بإذن الله،،،

هنا إستيقظت من نومي وأنا كلي أمل في أن القادم أجمل بإذن الله،،

وقررت أن أستمر في حياتي أستمد القوة من حب أسرتي،،

وأنعم بحب خطيبي ،وأبدأ حياتي من جديد،،،

وأنسى عودة ذاكرتي،،لأنها ستعود في يوم من الأيام،،وأواصل حياتي

وأحاول نسيان تجربتي مع الألم،

لأن القادم أجمل بإذن الله

بقلم عبير جلال

مصر،،الإسكندرية

٥/١١/٢٠٢٠

ليست هناك تعليقات: