الأربعاء، 21 أبريل 2021

قصة قصيرة تحت عنوان{{خداع}} بقلم الكاتب القاصّ المصري القدير الأستاذ{{محمد كامل محمد}}


خداع
أجلس على مكتبى منهكا، فعيوني لم تغمض طوال الليل، أحدق في الملفات المكدسة أمامى، ثم أدير نظري عنها، أرتشف فنجان من القهوه، فأستعيد بعض من حيويتي، ابدأ بترتيب أوراقي حسب أهميتها وأنغمس في عملي، أقوم بجميع المهام التى وكلت إليّ.
ينتهى اليوم الروتيني الثقيل فأخرج من عملي على عجل، أهبط درجات السلم، وعند المدخل يدهشني أجتماع حشد كبير من الناس، يلتفون حول شخص ممزق الثياب، ينهالون عليه ضربًا، بينما يصدر بعضهم السباب واللعنات عليه، يحاول بشتى الطرق الأفلات من بين أيديهم، فيحكمون سيطرتهم عليه، يستريحون قليلاً من عناء الضرب، ويعاودون ثانية منهالين عليه باللكمات والألفاظ الجارحة.
أدنو منه حتى يمكنني رؤيته بوضوح لتجنبه في مرات قادمه، الدماء تتدفق في سيلانها فتكسو وجهه، يطأطأ رأسه ليتخلص من وطأة الحصار حوله، يوجهون إليه أسئلة ولكنهم لا يمهلونه فرصة للأجابة عليهم، أقترح بعضهم أقتياده إلى مركز الشرطة، وافق الآخرون لمنعه من السرقة ثانية، 
يتقاذف إلى سمعى نحيب سيدة، أدير رأسي صوب الصوت، ألمح سيده عجوز تجاوزت الخمسين، تقبض بيديها على حقيبتها الصغيرة، ثم تخرج محتويتها وتبعثرها على الأرض، وتلملمها سريعًا وتنتصب واقفه وتبدي رأيها.
يتفق الجميع على تقديمه للشرطة ومثوله بين أيدى العدالة، يدنو منه أحدهم، يكيل له سيل من اللكمات المتتابعة، يصر على أن يقوده بنفسه للقسم، يجرجره من ثيابه الرثه الممزقة، وينصرف الجميع من حوله، فيعود الشارع إلى هدوئه وطبيعته، ولكن مشهد اللص لم يفارق خيالي، ببشرته 
الداكنة ووجهه المطلى بالدماء.
وعلى مشارف الشارع الذى أقطن به، أمر بجوار المقهى الشعبي الذى يجمعني بأصدقائي كل ليلة، بالصدفة تسقط نظراتي على اللص ممزق الثياب، أغتسل وغير بعض من هيئته، وأزال أثار الدماء من وجهه، وإن كانت قد تركت أثرًا على ملابسه، يجلس مبتهجًا واضعا قدم على الأخرى، يجلس بجانبه نفس الشخص الذى أقتاده من قبل إلى قسم البوليس، يتقاسمون أموالًا فيما بينهم وتجلجل ضحكاتهم.
محمد كامل محمد

مصر 

ليست هناك تعليقات: