قصة قصيرة بعنوان :
(لباب الوجود)
........ ....... ....... .......
على غير عادتها، استيقظت متأخرة لأول مرة، كانت رؤيا جميلة لاتزال عالقة على ستار خاطرها، فهرولت لتكملها في يقظتها، دون جدوى من عودة ثانية لرقاد جديد، مخافة أن تنتهي رؤياها الرائعة تلك، وقد استجمعت صورتين لهما بمخيلتها،صورة لتلك الأنامل التي تمسح وجهها وهي تداعب خصلات الشعر المنسدل طولا ليقبل ستار الأمل بالوصول لهما وقبلة أمها تلك البصمة التي تطبعها دائما وبشكل يومي على جبينها، وهي تحنو لتقبل يديها المهد الأول الذي حضنها كبرعم غض، وقد اختزن سر ذلك الدعاء الذي اقترن بالصورة الأخرى له، وقد رافقها كغمامة تتبعها كظلها، وجعلت عينيها تنظران بعيدا، قبل أن تغمضهما وتقول :أهذا أنت؟أهذا أنت؟.
هذا النداء المتلاطم بموج العبرات... أين هو؟ ذاب في دموع الوجدان يوم تركها خلف أسوار الغربة وقد انتظرت قدومه لزيارتها ، لعالم سعيد طالما حلمت أن تهديه له كرد لجميل لايقدر بثمن، لكن شتيت الغمام أخذ يزحم بعضه بعضا ليغطي سماءها بظلمة الأقدار الدامسة، وهاهو قد جاء إليها اليوم حيث كان الليل ساجيا، وهي ولهى ضائعة بدونه، لماذا يتوارى عن ناظريها دائما ذاك الذي تدغدغ أنفاسه رقادها.... أهذا هو أنت أبتاه ؟ أهذه هي أناملك التي استشعرتها وهي تعانق مسامات وجهي قبل أن تصطدم بأنامل أمي، صداما لملاطفة عاشقة، وهي تصرخ أنت الذي أريد، أنت الذي أفتقد، كل الوجود بعدك زائف حتى اللباب، فكيف لصباحي أن يكتمل وأنا أقبل جبين الشمس في وجه أمي لأستحس أثار أناملك المفعمة بعبقك الروحي، ياسيد وقتي وربان ذاكرتي.... يا أبتي، وأنا أحمل عذاب ذلك الحزن في رؤياي، حزن فراقك وهو يرسم في سمائي أشكالها لاعداد لها من ألم الفقد، وهاجس قلبي المفعم بالانتظار، انتظار ذلك الطفل بعد أن غادر أحشاء أمه ليجدها، وها أنت غادرتني وتركتني أنظر لوجهك دفي عيني أمي الرائعتين، وفي كل مساحات الروح، التي رفضت الاستيقاظ أبدا لتكتمل تلك الرؤيا حقيقة في لباب وجودها.....
....... ......... ........
بقلمي :(سلمى السورية ✍️)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق