قصة بالعامية والفصحى بقلم الكاتبة
أحلام محمد الملحم "بعد منتصف الليل"
تلك الليالي الديسمبرية الباردة ،بأشواقها الدافئة ،والحنين الموجع الذي ينتزع من أفئدتنا الشعور بالراحة،كان وحده منتصف الليل الذي يحتضن آلامنا واحلامنا ومشاعرنا المبهمة ..
بعد منتصف الليل من كل يوم ديسمبري ،كانت نجومه تشهد على حب عميق ،وقلوب يعتصرها الحنين،كان يخبرني كم هي جميلة عيني ،وكم اتلف قلبه الغياب،يبث لي بأشواق ملتهبة ،وأصداء حروفه تسكن موضع الوله في قلبي..
كانت انفاسه بتعبر جوا صدري ،كنت اخاف وقتها كتير ،وأسرح ،واحكيلو متى ياوائل رح ترجع ،والله انا كتير تعبت من غيابك،بستنى هداك اليوم اللي ترجع فيه وتحتضن قلبي،ويلمنا بيت واحد.
سما..
أصبري شوي ياقلبي ،والله انا ليل ونهار بشتغل ،مثل الماكينة ،تعبتني الدنيا ياسما،لاتفكري عاجبني الوضع هيك ،بس والله مافي باليد حيلة.
رح أستناك ياوائل ،ورح اتحمل كمان ،بس انا آخر سنة جامعة ،وانت عارف اني برفض كل انسان بتقدملي بحجة اني مابدي شي يشوش علي دراستي،بس ياوائل بعد ما اتخرج شو بدي احكي لاهلي،بترجاك تفهمني..
معلش ياسما لوقتها بكون جهزت اموري ،بس انتي اصبري علي شوي.
سأنتظرك حتى يجف الدم من عروقي،وتبقى وحدك حتى لو رحل الجميع ،فلا سلطة لدي تعلو على نبضٍ مؤرخ بك،تداهمني الاشواق بغتةً ،ففي منتصف كل ليلة تأبى عيوني ان تغفو،فقد اعتادت على ترانيم صوتك،فتمر تلك الايام وانا قابعة في قعر غرفتي الحزينة ،منتظرة طيفك ،ليخفف عني آلام ساعات ثقال..
سما يا سما
بناديلك ،ليش بتفهمي المواضيع غلط،ليش مابتشوفيها من وجهة نظري انا،سما ردي ،كأني بحكي مع حالي ،وينك مش سامعيتني .
ياريتني ماسمعت ،وياريتك ماحكيت ،وياريتني ماعرفتك ..
افهمي ياسما افهمي بالاول
شو افهم،انت شو بتحكي
تَلفَظَ قلبي أنفاسه الاخيرة لاهثاً ،وأُمطرت عيني بوابل من دموع محترقة ،وتحجرش الألم في حلقي ،هل حقاً أحلم!!
ولا هاد كابوس بشع ورح اصحى منه،كان وائل كتير قاسي ،حتى ما أعطاني مجال أفكر ،لا هوي كان اصلاً مفكر لحاله وماخد القرار،مافكر حتى بمشاعري ..
أيعُقل أن تُقتل أحلامي ،وتُغتصب مشاعري ،كيف لحبك أن يُعيث بروحي فسادا،وكيف لصوتك ان يصبح هباءً منثورا..
بتعرف ياوائل،حكولي كتير انسيه،لاتستنيه،مارح يرجع كنت أحارب الكل مشانك ،واحكيلهم هاد حب عمري ،مستحيل يكسر قلبي ،وهسا بعد كل هالسنين اللي مرت وانا بستنى تيجي وتطلبني من ابوي ،جاي تحكيلي بدك ترتبط بوحدة تانية ،مشان شو ،مشان فرصة عمل احسن،شو مستني مني ارد عليك،احكيلك برافو،ولا احكيلك الله يوفقك،شو بدك ارد ؟!
خلص يا سما خلص
انت مو شايفة اللي بصير في هون،انت مو حاسة في ،انت لو يتحبيني جد ،كان وافقتي،وحكيتلي بكمل معك ..
اسكت ياوائل اسكت اسكت
مرت ايام كثير ،وانا كل ليلة استنى وائل يرن ،ويحكيلي كنت امزح معك ،اشتقت لصوته،اشتقت لانفاسه،حاولت اتواصل معه،واقنعو يتراجع،بس ماكان يرد،للأسف انقطعت كل اخباره!!
أبكيك خذلانا وهوانا، بقلبٍٍ عذبه الشعور ،صفع قلبي واشواقي ،وتحرر من فؤادٍ أدماه الحنين، لطالما إتكأ على روحي،واستظل بدفئ عيوني،تركني في المنتصف المميت،لا اعلم ماذا أفعل ،وقفت حينها حائرة مترنحه ،هل أكمل ؟
هل أنتظر؟
فلعلها وعكة ،قد تمر بسلام ،اواسي نفسي ،واطبطب على جرح قلبي ،منتظرتاً فرج من ربي.
وبينما انا غارقة في دوامة أفكاري ،باحثة عن ومضةٍ تعيد لي صفو حياتي ،وبصيص امل يدق نافذة عمري،يقطع رنين هاتفي علي سهوتي..
ألو ..
كيف حالك ياسما؟
وائل ..
وائل..
معقول بعد هالوقت إتذكرت إني موجودة ،كيف هنت عليك ياوائل ،سنين عمري اللي راحت وانا جنبك ،كانت كلها مرهونة الك،ساعات وساعات كنت بس متفرغة الك،تركت كل الدنيا وكل صاحباتي ،وكنت انت شاغلي الوحيد ،كيف بس احكيلي كيف هيك بس هنت عليك ،حتى مارديت على رسائلي
وائل ،وائل ،انت بتحكي جد !؟
لم يكن عتاباً،بل كان نزيف قلب فطره الخذلان.
ليتني كفنت قبل ذلك ،ودفنت أحلامي ،ومات الحنين في ثنايا روحي،ماذا عساي أن أجيب؟
هاي المرة سمعت وانا مش مصدقة انه هاد الشخص نفسه ،انا حاربت الدنيا عشانه،اخترته مشان احارب فيه اوجاعي ،بس هوي اعلن حربه علي انا .
مزقني الم الشعور ،اهلك ماتبقى من فتات الامل ،بل انتزع رحيق عشقه المسموم من فؤادي،وكأن الدم توقف عن الضخ لعروق رأسي،فتباطأت أنفاسي ،وثقُل جسدي، وهويتُ أرضاً،رافظاً قلبي لهذا الإنكسار.
فتحت عيوني ثاني يوم ،والدكتور بحط الإبرة في المغذي ،وأبوي ماسك ايدي وبحكيلي مالك يابه بعرفك أقوى من هيك،وامي بتمسح بدموعها مشان ماتخوفني ،وأخوي أخوي كان خايف لدرجةإني ماقدرت احط عيني بعينه ،أختي كانت تطلع بعيوني ،بس هي كانت عارفة ليش انا انهارت انفاسي ،مسكتني لما صرخت وحكيتلو تزوجت ياوائل ،تزوجت .
لا تخافوا علي انا منيحة ،هوي بس شوية ارهاق من السهر والدراسة.
هي ساعاتٌ مرت بي وكأن الارض توقفت عن الدوران،حملت بها قلبي المرهق على أكفي ،وجروحٌ نازفة،وأشواق منكسرة،عبرتُ بها الى زوايا الطريق المتعثر ،متعبةٌ هي روحي.
بعد منتصف الليل من كل ليلة ،يداهمني الأنين،فأحتضن قلبي وروحي معا،واتلو عليهم حروف اشبه بتعويذة سحرية ،لتلجمهم من الألم ،سأعبر وأنسى ،سأعبر وأنسى .
بقلم أحلام محمد الملحم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق