الأربعاء، 19 يناير 2022

قصة قصيرة تحت عنوان{{حينها أصبحتُ كاتبا}} بقلم الكاتب القاصّ السوري القدير الأستاذ{{وسيم العينية}}


" حينها أصبحتُ كاتبا " بقلم: وسيم العينية 

ليلةٌ باردة مليئة بالمزيد من الآلام، أجلسُ الآن بين أحلامي المُهترئة التي عَبثتْ بها الأيام،
غُرفتي يكسوها غطاءَ موتٍ أبيض اللون وأرواح مَن رحلوا، 
الناسُ بعيداً من هُنا يتفاخرون بوطنهم الذي استطاعَ أن يشعرهُم بالحياة، بينما هذا الوطن الذي وُجدتُ بهِ كان كالجحيمِ أحلاماً..
أُعاني كثيراً من ذاكرتي السوداء التي تُدخلُني في الإكتئاب دوماً، المُسبب لهذا كان وطني..!
منذُ صِغري كنتُ أريدُ الحياة و أحبُّها، كنتُ كَالأميرِ بين ألعابي الطُفولية،
سَمعتُ حينها بوقَ حربٍ بعيد يقتربُ رويداً رويداً مِن منزلي، نظرتُ من النافذةِ وكأنّني كنتُ أعرفُ حَجم المأساةِ التي ستأتي إليَّ، حدسٌ مأساويّ..
مررتُ بأيامٍ كثيرةٌ بالموسيقى الحربية، صوتُ اسلحةٍ وسيمفونيةُ رِصاص،موتٌ يأخذُ الأرواح بكُلّ هدوءٍ مِن دونِ مُقاوم على هذا الكوكب ،
وفي إحدى تلك الأيام السوداء استيقظتُ على إنفجارٍ قويُّ الصوتِ كثيرُ الشهداء، كانَ في أقصى المدينةِ التي خلقتُ بها ، هذا الإنفجار وَ رغمَ ابتعاده كان بأمكانهِ أن يجعلني آشلائاً مُبعثرة على أسوارِ المدينةِ،
كَبرتُ وأنا في طريقِ الإنتظار، هيا بنا إلى خارج الوطن
هنيئاً للروحِ في هذا الإنشطار،
كانَ بإنتظاري غربةٌ حمقاء، كانَتْ أكثرَ قسوةً مِن الحرب التي ابتعدتُ عنها التي مازال ركامها في داخلي، 
كانتْ جميعُ نشراتِ الإخبار هناك تقولُ منذُ عشرة سنواتٍ من الآن أن الحرب ستنتهي غداً ، وَ مازال الشعبُ يموتُ حتى الآن...
كنتُ أمام تلكَ النشراتِ كَعجوزِ أرعن بائس ينتظرُ من سيحكمُ وطنهُ مِن دولِ الحُلفاء، 
أنتهتْ السنوات الأولى من مُعدل الموتِ الداخلي، هيا بنا يا جسدي لننهي هذا الفيلمُ المأساوي، 
شيدتُ حَبلاً مِنَ السماءِ إلى الأرض، موسيقى الشيطان تَتعالى في أرجاء غُرفتي البائسة، أنتظرُ ملاكَ الموت بهدوءٍ مُخيف، لم يأتِ ...
قلتُ بنفسي: أ حقاً أموتُ بطريقةٍ لا أحبُّها، سأنتظرُ حتى أحصل على مسدسٍ، ستكونُ طريقةً أجمل بحقي بعد كلّ هذا الإنتظار...
يومٌ ثمَ يومان، شهرٌ فَشهرين،حصلتُ على مسدسٍ أخيراً.!
لبستُ ملابساً كلاسيكية، أشتريتُ سيجاراً كوبياً،
جلستُ على الطاولةِ وأمامي قارورةِ النبيذ وكأساً من الثلج، وموسيقى فرنسية بصوتِ فتاةٍ تُثيرُ النشوة،
أحبُّ أن يكون اللقاء الأول بيني و بين ملاكَ الموتِ
كلاسيكياً..
شربتُ من كأسِ أحزاني حتى ثملت، 
أقتربَ المسدسُ من رأسي تقيأ رِصاصهُ في داخلي،
تبعثرتْ الدماء هُنا و هُناك على الجُدرانِ و الكُتب،
حينها أصبحتُ كاتباً..
حينها أصبحتُ كاتبا ...

.................................................. 

ليست هناك تعليقات: