صَفْعَة الْخِذْلَان
كَانَت لِيَ فَتَاة ذَات قَلْب نَقِي ، وَقَدْ كَانَتْ دومًا وَحَيْدَة إلَى أَنْ اِقْتَحَم وَحْدَتهَا شَابٌّ فِي عُمرِهَا ، أوهمها بِالْحبّ وَجَمَالِه وَرَسم فِي مخيلتها أحلامًا وَرْدِيَّةً، مَلِيئَة بشتى أَصْنَافِ الْحبِّ وَالْغَرَام . حَتَّى بَاتَت تَرَى نَفْسَهَا ملْكه عَلَى عَرْشِ الْعِشْق ، وَقَدْ كَانَتْ تصدقُ كُلّ كَلَامٍ وَكُلّ وَعَد كَان يُوهِمُها بِه .
فَقَدْ كَانَ يَسْتَغِلّ طيب مَنْبَتِهَا لِيَصِلَ إلَى مَآرِبِه ، فَقَدْ كَانَتْ لِيَا ذَاتَ مَنْصِبٍ رفيْع فِي مُجْتَمَعهَا ، وَمَا إنْ تَمَّ مَا كَانَ يرغبُه حَتَّى حَانَ وَقْتُ أَنْ يَرْحَلَ عَنْهَا دُونَ أيِّ سَبَبٍ يذْكر تاركًا لِيَا تَتَخَبَّط فِي أَفْكَارِها ، تُحَاوِل أَنْ تَجِدَ سببًا يقنعها بِالرَّحِيل هَكَذَا دُون عَوْدِهِ حَتَّى تأتيهاصفعة الْخِذْلَان تَنْهَش مِن قَلْبهَا وتمزقه ، لِتَخْرُجَ مِنْ حَالة الهُدوء التي كَانَتْ مُعْتَادَةً عَلَيْهَا وتصرخ مِن أَعْمَاق قَلْبِهَا ، الَّذِي كَتَم أَوْجَاع الرَّحِيل طِيلَة فَتْرَة رَحِيلِه وَتَبْكِي بِمَرَارَة الْفَقْد لِنَفْسِهَا قَبْلَ كُلّ شَيْءٍ ، لِأَنَّهَا كَانَتْ نادمة عَلَى إعْطَائهِ كمية الْحبّ الَّذِي منحته إيَّاه ، وَلَكِنْ لَا فَائِدَة مِنْ ذَلِكَ وَلَا نَتِيجَة مرجوة فقد سَبَق السَّيْف الْعَدل .
لَمِيس مُحَمَّد
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق