" يا رب إلى متى ؟ إلى متى سأتحمل هذا ؟ إلى متى سيدوم هذا الحال ؟ يا رب فرج قريب ، فما بعد العسر إلا اليسر "
كانت تردد نفس الكلمات كل صباح ، منذ سنوات وهي على هذه الحال ، تقوم بنفس العمل يوميا ، تستيقظ فجرا ، تحمل الحبال وفأسا صغيرة وتلتحف بشالها وتسلك طريق الغابة ، كانت لا تبالي بالبرد شتاء ولا بالحر صيفا ، كل همها هو أن تحب أقصى ما يمكن من الحطب لتعود به للبيت تبيع منه ما تيسر ومستعمل الباقي في حاجياتها اليومية ، قضت معظم حياتها على هذه الحال منذ أن زوجتها زوجة أبيها لذلك الغريب عن البلدة لتخلص منها ، كانت تعاملها بكل قسوة وتسلط عليها كل أنواع التعذيب والتنكيل، وهي اليتيمة ولا أحد يقدر أن يحميها فلا أهل لوالدتها المتوفية ؛ تزوجت ذلك الرجل الذي يكبرها بسنوات وكان كل أملها أن ينتهي عذابها وألمها ، لكن ما راعها إلا أن تجد أطفالا صغارا يتامى يجب رعايتهم وايصالهم لبر الأمان ؛ كيف لا وهي اليتيمة التي ذاقت الأمرين ، عاهدت نفسها على أن تقوم بهذه المهمة مادامت على قيد الحياة وبصحة وعافية ... حقق الله أملها. واستطاعت أن تجعل من الأطفال رجالا لهم مكانتهم في الحياة ومن البنت امرأة لها قيمة ؛ وتحملت المتاعب والمصاعب التي اعترضتها وكانت خير أم لأطفال لم تنجبهم .
هاهي اليوم ممددة والجميع حولها يبكيها بعد رحلة عمر فيه ما فيه من خير وشر وحزن وفرح
مر شريط حياتها أمامي وسمعت كلماتها تتردد على مسامعي ، كما كنت أسمعها كل صباح
رحمك الله أمي ، نعم انت أمي من أجدت تربيتي وجعلت مني خير أم وخير زوجة وخير بنت
رحمك الله رحمة واسعة ستبقى بقلبي ولن أنساك مهما حدث !
رفيعة الخزناحي
تونس
#هلوساتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق