الأربعاء، 25 مايو 2022

ج(الثالث) من قصة {{المستنقع}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


 " المستنقع "

قصة مسلسلة
بقلم :
تيسيرالمغاصبه 
-------------------------------------------
    -٣-
،، الولوج،،

بالرغم من كل ما يحمل عادل بداخله  من خبث ودهاء ،فأن كمال كان يشعر أنه بدأ يحبه..يحبه بصدق،   ويرتاح لوجوده ،وينتظر قدومه كل يوم ،وما أن يراه حتى ينشرح صدره خصوصا أن كمال لاأصدقاء له ولا حتى إخوة ،سوى أكان في ذلك المستنقع ؛أو في تلك المدينة السكنية الضاجة بالسكان ،
وهو في الحقيقة  لايعلم لماذا  كان عادل يقدم له النصح،
وكذلك أن طريقته في الحديث معه قد تغيرت كليا ..وقد شعر كمال أن عادل هو الآخر أحبه،فتبدل التعالي والكبرياء والغرور بالاحترام والتحدث معه بأدب، والخوف من أن تخدش مشاعره ،بل بدا كما وأنه صديقه الأكبر الذي يغار عليه وعلى مصلحته بالرغم من حداثة عمره،
و عندما رآه يشعر بالتوتر والقلق بعد مراجعته إلى الإدارة قال له:

-صديقي...أن هذا النوع من المدراء وهنا بالذات لاسكاتهم وإيقاف تحرشاتهم، ماعليك سوى إستقبالهم بالفاكهة والحلوى ..لاتستغرب من قولي ..فقط ماعليك سوى إعداد مائدة الحلوى والفاكهة لأستقباله ..حتى لو كنت لاتطيق رؤيته، وحينها 
سيغير معاملته لك ..كذلك سيحب زيارتك ؟

-حقا.

-نعم ،سوف تندهش عندما أخبرك بأن هذا المدير "لايمون على شيء"في المدرسة..لكنه يتظاهر بالحزم ..كذلك أن زملاءك من الأذنه يحيكون لك المكائد..فعليك أن تكون يقظا؟

-وماالعمل .

-تحسين علاقتك بالمدير ..ومن ثم أن تعاملهم بالمثل ،فأن المدير يسره  ذلك الصراع ..فهو دائم القلق ويهمه خلق النزاعات والغيرة والحسد . بل والفتنة بين الجميع ليحافظ على مقعده؟

-لكني ليس كذلك.

-يجب أن تكن كذلك هههههه لاخيار آخر أمامك؟

*   *    *    *    *    *    *   *    *    *    *    *

سمع كمال صوت إرتطام الكرة في الملعب ..خرج على الفور ..كانت أعمار الشباب الذين يلعبون الكرة  تتجاوز العشرين بكثير..وكان عددهم كبير وهم يفوقونه بأجسادهم ،تقدم منهم طالبا منهم الخروج ..لكنهم نظروا إليه بسخرية.. بل تقدم منه أحدهم وقال له  بلا مبالاة :

-تريد منا الخروج..حسنا بأمكانك أن تضربنا أو أن تطلب لنا الشرطة؟

هنا تذكر كمال قول عادل في إحدى النقاشات "أنت لا  ناقة لك ولا جمل في معارك المستنقع"

*    *    *    *    *    *    *   *    *    *

كان كمال يجلس على مدخل غرفته عندما مر به شاب ضخم الجثة..أسمر ..صافحه بأحترام وقال له بثقة:

-أريد أن أحدثك وبصراحة عن الوضع هنا ؟

بالرغم من أن  كمال كان يعلم ويتأكد من سوء الأوضاع هنا يوم بيوم دون الحاجة إلى إخباره بذلك ،لكنه قال :

-تفضل.

-علمت أنك كنت من أهل حارة الكسارات ..أي حارتنا..إذا نحن كنا أبناء حارة واحدة ..وقد تذكرتك ..ولهذا يهمني أمرك كوننا كنا أبناء حارة واحدة..ويبدو أنك لاتعلم أن هذا المكان عبارة عن مستنقع وحل ،فأنا أرى أنك غير مضطر للغوص فيه..
اما هؤلاء الشباب فهم عاطلون عن العمل وقد درسوا في تلك المدرسة لسنوات ولم ينجحوا لأنهم قد أمضوا حياتهم في الفسق والبلطجه، 
وهم يلعبون الكرة هنا على نقود ..وهم يعطون نقودا للحراس الذين تتابعوا على حراسة تلك المدرسة..نقود مقابل اللعب ،وقد فرض ذلك البلطجي الأكبر الذي كان من حراس تلك المدرسة قبل وفاته ..وبما أنك لن تستطيع منعهم وحدك لأن الشرطة لم تستطع ذلك كما ترى لأن اللعب أصبح يجري  في أجسادهم مجرى الدم ..أصبح لعبهم هوسا وجنونا..وأن المدير يعلم بذلك   هههههههه فلا تفكر بإصلاح تلك المدرسة أو المدينة..أو دخول أي معركة ليست معركتك،  لأن ذلك ليس من شأنك "فخار يكسر بعضه"؟

-فهمت.

ثم مد إليه ورقة من فئة الخمسة دنانير  وقال :

-هذه لك..أنها حق لك من مباراة اليوم ؟

رد كمال وهو يدفع يده إلى الوراء:

-أعترف بأنه من غير الممكن أن أقاوم عشرين رجلا 
يفوقوني  بأجسادهم دفعة واحدة ..لكني أرفض أخذ أي أجر خارج نطاق عملي ..وأنا أشكرك على معلوماتك وعلى نصيحتك لي ؟

إبتسم الشاب بسخرية وقال:

-لكن إلى متى ستصمد وأنت وحدك أمام جيش بأكمله ؟

-لاعليك...سأكتفي بأضعف الإيمان. 

*   *   *   *   *   *   *    *   *    *    *

قال عادل بعتاب ولوم:

-أنت مخطىء ياصديقي..لقد أخبرتك بأنك قد أصبحت بداخل المستنقع  ،فلماذا ترفض مافرضه من كان قبلك ومن سنوات طويلة؟

-لن أخضع للقوة والإستغلال مهما كانت الظروف.

-بل أن ذلك بحد ذاته قوة .. وذكاء معا..أنهم يدفعون بالرغم من أنهم يستطيعون ألا يدفعوا ولااحد يستطيع أن يجبرهم على الدفع خصوصا بعد موت "صخر" البلطجي الأكبر الذي كان يعمل كأول حارس لتلك المدرسة ؟

*   *   *   *    *    *    *    *   *    *    *    *

سمع كمال وقع خطوات ..خرج ..رأى المدير أمامه ..لم يلقي عليه التحية لكنه دخل إلى غرفته كما وأنه يريد أن يرى شيئا ،أو أن يرى عنده أحدا، لكنه عندما رأى الفاكهة والحلوى على الطاولة قال كما وأنه يحسده:

-ماشاء الله، ماهذا العز؟

قال كمال بعفوية:

-أنه واجب إستقبالك سيدي.

-أشكرك؟

ثم جلس وبدأ بالتهام الفاكهة والحلوى.

(يتبع...)
تيسيرالمغاصبه 
٢١-٥-٢٠٢٢

ليست هناك تعليقات: