الاثنين، 12 ديسمبر 2022

مقالة تحت عنوان{{قراءة وراء السطور}} بقلم الكاتب المغربي القدير الأستاذ {{رشيد الموذن}}


مقالة بعنوان :
قراءة وراء السطور 

تقول الحكمة لابد من التحرر من الأفكار من غير سجنها ، لهذا وجب علي وضع بعض من الملحوظات بين يديكم لتوديعها حتى أفسح المجال لإستقراء ملاحظات أخرى ..
حين نمعن النظر ونحاول استقراء الأحداث في كاس العالم اليوم نجد أن هناك شيء مجرد تحول إلى واقع وبدأ في حصد كل مهتم حسب اهتمامه ..
أولا : من الممكن ان يجد فرصة يتحدث متحدث كل حسب ميوله ، كمن يتحدث مثلا عن الكرة من حيث اللعب والتكتيكات والاهداف الى غير ذالك ،و من يتحدث عن الأخلاق والقيم ، ولقد كانت سابقة أن يأتي على لسان رئيس الفيفا في لقاء صحفي يتحدث بكل موضوعية منصفا قطر في قراراتها وذالك عن تلك النزوة المثلية التي  أجهضت قبل الأوان ، عاشت مذللة في مهدها الأوروبي لتصل الى سن البلوغ وأرادت ان تحتفل بعقد مراهقتها أخيرا على خليج العرب ، لكن من الصعب ان يكون هذا الأمر مطمئن على ذوي الفطرة السليمة ، الذين لم يكن متوقع حقيقة ان خبطة بسيطة من أيديهم على الأنف تقضي على هؤلاء الكائنات شبه البشرية سليمي البنية العديمي الأخلاق . حيث جعلتهم يضعون أيديهم على افواهم من صاعقة غير متوقعة وحذرا من خوف . ولا شيء غير ذلك مما يتوهمون من حركتهم المشؤومة ، ممتثلين في الأخير كرها ، ورغم انوفهم كما يقال . وما لفت انتباهي ما قيل بعدها عن العمال في قطر وما الى ذالك . لكن لقد عرى عن المكشوف بموضوعية  وقال كل ما يمكن ان يقال .ومنذ متى كان في الفيفا للأخلاق اعتبار ؟! نعم يمكن القول كانت نتائج الدرس مفيدة مسلم التعلم منها . حيث مع مثل هذه المواقف التي تمر على أعيننا يجب أن نقف مدركين كيف يمكننا التخلص من أفكار قد يجرف البشرية تيارها بعيدا ، وهي ليست وليدة اليوم وجديدة ، إنما نجدها عبر الزمن تقتنص دائما الفرص لتخنق الإنسانية  في كل لحظة وتجرها نحو العبث. فبذالك دعونا إذن نصور هذه الأحداث بكل جوانبها في مخيلتنا عوض اهداف اللاعبين في الشباك . حسنا ، ولنفكر مليا ماذا كان لو اجتاح هذا الميوع الملاعب بل البيوت في كل العالم .  كيف سيكون مصير الاجيال الصاعدة ؟! لذالك ما يمكن ان نستخلصه هنا . حيث بمقدار معرفتنا بمدى جودة استعدادنا لقبول فكرة ما ، إما لابد ان نتحرر منها أو تجعلنا نعيش في كل مرة على المخاوف . فكم هناك من قرارات حقا لا تستحق إهدار  الوقت في القلق منها خصوصا تلك التي تمس الفطرة  والقيم والأمن ومعتقد الأمة ..
ثانيا : لنمضي قدما بعينين مفتوحتين لنرى من حسن الحظ أن هذا الفريق الوطني لم يتجاوز عمره مقدار بضعة أشهر لست متأكدا من الفترة بالضبط ، لكن بينما كان معظم اللاعبين في الخارج  يقوم بتمديد مواهبه محاولا الإنفلات من قهره الإجتماعي ، قام بجمعهم مدرب وطني على رقعة حمراء ونجمة خضراء لتغطيتها كأسود الأطلس و الملفت وجدوا من الصعب ان يتخلف احد منهم ليكون في مكان اخر . والشيء المهم الذي اود التحدث عنه تلك الأفكار من عزيمة وإصرار التي نشروها على اوسع نطاق يريدنه ، الا طبعا عمن أراد أن يتنحى بذهنه جانبا ليغرق في سياسته المملة يراقب مشدوها لا يدري أيصرف الأنظار عن الجوهر ؟! أم كيف ينسب لنفسه هذا الوميض من الضوء الذي يكتسح العالم ؟! ومن ثم يتسائل عما إذا كان هناك عزيمة واصرار يمكن ان تكون قوية جدا الى حد تستطيع ان توقف سفينة كبيرة بهذا  الحجم بل  كيف يتم حتى تجاهلها ؟ ثم امتصاصها بهذا الشكل الغريب . مع العلم هذا الحدث ليس بغريب على أسود في البرية حين تسقط بين براثينها جواميس ضخمة بالضبط كما نشاهدها على الشرائط الوثائقية.
حقا جميعهم تجردوا من انانيتهم الذاتية وحياتهم اليومية البادخة وملابسهم الفاخرة ليرتدوا بدلات رياضية عادية بنطال قصير وسترة لكنه يمثل لهم سلاح اخر من موقعهم الخاص وهذه المرة ليس بحثا عن غنيمة مادية ملموسة انما غنيمة  من نوع اخر محسوسة  تكون بديلا عما افتقدوه في أمة ممزقة الى اطراف صغيرة بلا احساس ولا حراك مثلها مثل جدع شجرة ساقطة في مكان استراتيجي باللعالم ..
وما حدث فعلا لتصحيح الصورة المغلوطة التي بدورها لم تمرر كما ذكرت في البداية ، تم في المقابل  استعراض لم يسبق له مثيل كتمرير خلق وشعور مفتقد في عالم غربي يدعي التطور ، ويكاد يجتاح عالمنا اليوم بشكل رهيب ،  فحين ترى لاعب يناضل من أجل إرضاء قارة او أمة بكاملها ان صح التعبير وادخال الفرحة الى محياها ، ليتنفس من الإعياء الداخلي والابتهاج الخارجي في الأخير بوضع مهيب في أحضان امه او ابيه تحت انظار العالم داخل ملعب وفي محفل دولي عالمي  ..
لا يا ناس هذه ليست فكرة تطفو عل سطح روحي رقيقة وواهية في هذه الأثناء مثل جميع الأفكار ، إنها في الحقيقة لحظات مؤثرة ومختلطة بالشعور الذي يشعر به الناس في الغرب والشرق وهم مستغرقون في انانيتهم واحاسيسهم الداخلية المتدهورة ..وما أريد هنا أن أذهب لأوصله إليك هو تلك الروح البسيطة للاعبين  والكلمات العفوبة الرقيقة والمعبرة تكاد تسمع أصواتها على محاف الروح عبر تصريحاتهم الصحفية  كالتي وضعها الفلاسفة العظام على سبيل العبرة ..
ختاما قد صغت إليكم مشهدا بهذه العبارات مع الصراخ العالي في مثل هذه الحالات لأؤكد ان كل هذا أتى من روح شديدة اليقظة ولم تكن ابدا افكار كسولة تحركها العينين والأذنين بتتبع عبوة منفوث بها الهواء بدقة متناهية  إنما تنبع من حس داخلي ، وإذا جاز القول أسهمت بها روحي عبر هذه الحروف علها تقوم بانفعال رقيق الحواس ..أما فيما يخص المفارقة ربما يتحدث عنها البعض فصحية بين كرة القدم كلعبة رياضية وبين لعبة سياسية لا تكاد تنطلي على احد ، لذالك أقول لما لا نعتبرها إذن كلعبة ولنلعبها  بنفس الروح وبحكم منطق اليوم ، حيث يكون وجه اللعب مضبوط . المهم كل ما تبقى لدي من قول اتمنى ان تحذق في وجه كلامي تحذيقا عقلانيا ، واعتبره مجرد فكرة تدور في رأسي مع مدى ما تحمله من تجربة لعينة من متعة لها مذاق غير مألوف أشعر بها في هذا الانجاز الكروي الرفيع المشهود له دوليا،وسيظل ابديا ، ولا أنكر من دون وضع مريح لي طبعا ، باعتبار كمن يتعاطى دواء مسكن ومصيره الموت الذي ينتظر نتائجه المؤكدة في الفحوصات..
ودمتم ترفلون في عافية وهناء

رشيد الموذن @

المغرب @ 

ليست هناك تعليقات: