الأحد، 7 مايو 2023

نص نثري تحت عنوان{{لُعْبَةُ الخُرُوجِ مِنَ الجَسَد}} بقلم الكاتب الفلسطيني القدير الأستاذ{{سامي يعقوب}}


الِكِتَايَةُ بِأَبْجَدِيٌَةٍ ثُنَائِةِ التَرقِيْم :

لُعْبَةُ الخُرُوجِ مِنَ الجَسَد .

          كَمْ مَرَةً يَتَوَجَّبُ عَلَيَّ أَنْ أَمُوْتَ  ، وَ هُمْ يَحْمِلُونَ نَعْشِيَ ، حَيْثُ أَرَاكِ تَذْرِفِيْنَ دَمْعَاً سَاخِنًا خَلْفِي ، لِأَنَّهُ مُحَالٌ عَلَيَّ أَنْ أَعُوْدَ ، لِأَمْسَحَ صِبَى وَجْنَتَيْكِ الحَمْرَاوَتَيْنِ ، مُبَلَلَتَيْنِ بِأَوَجَاعِ الفِرَاقِ و أَنَامِلِ الذِكّْرَيَات ، و أَعِدُكَ أَيِّهَا العَدَمَ بِأَنَّنِيَ لَنْ أَجْعَلَكَ تَنْتَظِرُ طَوِيْلًا ، وَقْتَهَا اقْتَرَبَتُ نَحْوَ دَاخِلِيَ عَمِيْقَاً ؛ ( أَنْتِ ) ، لَمَّا هَمَسْتِ بِالرُوحِ ، الَّتِي كَانَت تَرْقُبُ المَشْهَدَ ، وَهِيَ تَعُوْمُ فَوْقَ جَسَدِيَ المُسَجَّى عَلَى هِضَابِ الرَحِيْل ، اذْهَب الآنَ إِلى مَا تَمَنَّيْتَ ، بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُكَ قَبْلَ قَلِيْلٍ ، فَصُوْرَتُكَ سَيَرْسُمَهَا الحَنِيْنُ ، فِي ذَاكِرَتِيَ المُشَوَّشَةِ و شِتَاءَ ( تِشْرِيْن ) ، فَمَا عَادَ بِمَقْدُوْرِيِ احْتِمَالُ أَنْفَاسِكَ ، تُعَانِقُنِيَ عِنَاقَ الوَدَاعِ الأَخِيْر ، فَارْحَلْ سَرِيْعَاً أَرْجُوكَ ! ، كَيْ أَزْرَعُكَ غَارْدِيْنيَا فِيْ قَلْبَيَ ، وَ أَنْتَ تَخْتَفِيَ بَطِيْئًا بَيْنَ أَحْضَانِي .

          وَ فَجْأَةً شَهَقْتُ مُسْتَيْقِظًا مِنْ شُعُوْرِيَ ، بِانْسِلَاخٍ خَفِيْفٍ يُثِيْرُ  لَدَيَّ فُضُوْلَ تِكْرَارِهِ ، عَمَّا كُنْتُهُ مَنْ ثِقَلٍ وَاقِعِيٍّ مُؤْلِمٍ وَ مُتْعَبٍ - مُتْعِب ، لِأَجِدُهَا ؛ ( أَنْتِ ) تَضُمُّنِيَ قَائِلَةً - أَعْرِفُكَ جَيِّدًا - ، و يَدَيْهَا نَدَى جَبِيْنِيَ المَحْمُومُ ، نَشْوَةَ أَلَمِ هَمْزَةِ الوَصْلِ ، بَيْنَ لِقَاِءِ المُسْتَحِيْلِ فِي غَرِيْبَيْن : مَا كُنْتَ لِتَتْرُكَنِيِ هَكَذَا دُوْنَ مُسَمَّى ، بِدَهْشَةٍ فَاضِحَةٍ سَأَلْتُ : سَيِّدَتِيَ مَنْ أَنَا !!؟ فَلَسْتُ أَعْرِفُ مَنْ أَنَا هُنَا الآن !؟ ، بَلّْ مَنْ نَحْنُ !؟ ، و مِنْ أَينَ أَتَى كُلٌّ مِنَّا !؟ ، وَ مَاذَا نَفْعَلُ هُنَا كِلَانَا !؟ ، بِإِيْمَاءَةِ مَنْ تَبَسَمُ مُحْرَجَاً وَ نَاظِرَيْهِ شَارِدَيْنِ بَعِيْدَاً عَنِّيَ ، تَيَقَّنْتُ بِأَنَّهَا أَيْضَاً مِثْلِيَ ؛ لَيْسَت كَالجَمْعِ العَارِفِيْنَ بِكُلِّ مَا يَجْهَلُوْن . 

          فَبَدَأْتُ بِسَرّْدِ الحِكَايَةِ عَلَيْهَا ، وَ هِيَ مُصْغِيَةً بِاهْتِمَامٍ وَاضِح ، فَقُلْتُ مُسْتَرْسِلًا : خَرَجْتُ مِن دَاخِليَ فِكْرَةً ، تَبْحَثُ عَن مَكانٍ يَبتَعِدُ فِيهِ الغُمُوضُ ، قليلاً أو كَثيراً ، لأَكُونَ قَد أَفْرَغْتُ نَفسِيَ مِن أَلَمٍ يُكَبِّلُنِيَ بِِفَوضَى جِِدَالِ الاحْتِمَالَاتِ ، المُقِيْمِ الدَائِمِ فَوْقَ النُقْطَةِ الَّتِي يَتَشَارَكُ فِيْهَا الخَيَالُ و التَأمُل .

          و مَشَيْتُ لأَعْرِفَ الطَرِيْقَ المُؤَدِيَ بِيَ إِلى خَارِجِي ؛ ( أَنْتِ ) ، فَطَالَ الانْتِظَارُ ، و أَنَا أُحَادِثُ المَجْهُولَ عَن هُوِيَّةِ ضِدِّهِ ؛ الَّتِي لَم أَجِدُهَا فَوْقَ ( الأُولِمبِ ) و لَا فِي جُوْجِل ، تَجَوَّلْتُ هُنَاكَ أَرْجَاءَ المَكانِ ، بَاحِثًا عَنِّيَ و عَنّكِ ، فَلَم أَجِدُنَا فِي حَيَاةٍ وَاحِدَةٍ ، و مَعًا كُنَّا هَبَاءً لِأَثِيْرٍ مُحَال .

11:36 PM
December, 1 , 2022

سامي يعقوب .  /  فَلَسْطِيْن . 

ليست هناك تعليقات: